وأذا مرضت فهو يشفين
اهلا بك زائرنا الكريم
كي تتمكن من قراءة كل المواضيع ووضع الردود يرجى منك تشرفينا عضوا مرحبا به في منتدانا والتسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

وأذا مرضت فهو يشفين
اهلا بك زائرنا الكريم
كي تتمكن من قراءة كل المواضيع ووضع الردود يرجى منك تشرفينا عضوا مرحبا به في منتدانا والتسجيل
وأذا مرضت فهو يشفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» علاج تصلب الشرايين والجلطات القلبيه والدماغيه بعون الله تعالى
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الإثنين مارس 16, 2015 7:49 pm من طرف خالد براهمه

» علاج السرطان بالأعشاب خلال اربعة اسابيع
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الإثنين مارس 16, 2015 7:35 pm من طرف خالد براهمه

» الفستق مقوى جنسي نسبة 51%
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الخميس نوفمبر 28, 2013 7:37 pm من طرف خالد براهمه

» اسماء الأعشاب
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:35 am من طرف حسين العنوز

» آيات الشفاء في القرآن
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:30 am من طرف حسين العنوز

» اضطرابات الغدة الدرقية وعلاجها
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:29 am من طرف حسين العنوز

» رقية للعقـم والإســـقاط
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:28 am من طرف حسين العنوز

» مرضى السكري
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز

» اظفـــــــار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز

التبادل الاعلاني
مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني
دخول

لقد نسيت كلمة السر


كتاب النبـــــــوات المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس

اذهب الى الأسفل

كتاب النبـــــــوات  المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس Empty كتاب النبـــــــوات المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس

مُساهمة من طرف خالد براهمه الجمعة أكتوبر 29, 2010 4:34 am

كتاب النبـــــــوات
المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
وفي هذه الصفحة نص ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية
في فصلين من كتاب النبوات
وتم إعادة وترتيب وصف الأسطر بواسطة
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]

الأول : فصل خوارق الكهان والسحرة ليست من خوارق العاداتوإنما من العجائب الغريبة
فصل في معنى خرق العادة وأن الاعتبار أن تكون خارقة لعادة غير الانبياء مطلقا بحيثتختص بالانبياء فلا توجد الا مع الإخبار بنبوتهم وأما إخبار الكهان ببعض الامورالغائبة لإخبار الشياطين لهم بذلك وسحر السحرة بحيث يموت الانسان من السحر أو يمرضويمنع من النكاح ونحو ذلك مما هو باعانة الشياطين فهذا أمر موجود في العالم كثير معتاديعرفه الناس ليس هذا من خرق العادة بل هو من العجائب الغريبة التي يختص بها بعضالناس كما يختص قوم بخفة اليد والشعبذة وقوم بالسباحة الغريبة حتى يضطجع أحدهم علىالماء وكما يختص قوم بالقيافة حتى يباينوا بها غيرهم وكما يختص قوم بالعيافة ونحوذلك مما هو موجود ولهذا كان مكذبو الرسل يجعلون آياتهم من جنس السحر وهذا مستقر فينفوسهم أن الساحر ليس برسول ولا نبي كما في قصة موسى لما قالوا ان هذا لساحر عليميريد أن يخرجكم من أرضكم بسحرة فماذا تأمرون قال تعالى : كذلك ما أتى الذينمن قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون ، وهذا لحيرتهم وضلالتهم تارة ينسبونإلى الجنون وعدم العقل وتارة الى الحذق والخبرة التي ينال بها السحر فان السحر لايقدر عليه ولا يحسنه كل أحد لكن العجائب والخوارق المقدورة للناس منها ما سببه منالناس بحذقهم في ذلك الفن كما يحذق الرجل في صناعة من الصناعات وكما يحذق الشاعروالخطيب والعالم في شعره وخطابته وعلمه وكما يحذق بعض الناس في رمي النشاب وحملالرمح وركوب الخيل فهذه كلها قد يأتي الشخص منها بما لا يقدر عليه أهل البلد بلأهل الاقليم لكنها مع ذلك مقدورة مكتسبة معتاده بدون النبوة قد فعل مثلها ناسآخرون قبلهم أو في مكان آخر فليست هي خارقة لعادة غير الانبياء مطلقا بل توجدمعتادة لطائفة من الناس وهم لا يقولون انهم أنبياء ولا يخبر أحد عنهم بأنهم أنبياءومن هنا دخل الغلط على كثير من الناس فإنهم لما رأوا آيات الانبياء خارقة للعادةلم يعتد الناس مثلها اخذوا مسمى خرق العادة ولم يميزوا بين ما يختص به الانبياءومن أخبر بنبوتهم وبين ما يوجد معتادا لغيرهم واضطربوا في مسمى هذا الاسم كمااضطربوا في مسمى المعجزات ولهذا لم يسمها الله في كتابه إلا آيات وبراهين فإن ذلكاسم يدل على مقصودها ويختص بها لا يقع على غيرها لم يسمها معجزة ولا خرق عادة وانكان ذلك من بعض صفاتها فهي لا تكون آية وبرهانا حتى تكون قد خرقت العادة وعجزالناس عن الإتيان بمثلها لكن هذا بعض صفاتها وشرط فيها وهو من لوازمها لكن شرطالشيء ولازمه قد يكون أعم منه وهؤلاء جعلوا مسمى المعجزة وخرق العادة هو الحدالمطابق لها طردا وعسكا كما أن بعض الناس يجعل اسمها أنها عجائب وآيات الانبياءاذا وصفت بذلك فينبغي أن تقيد بما يختص بها فيقال العجائب التي أتت بها الانبياءوخوارق العادات والمعجزات التي ظهرت على أيديهم أو التي لا يقدر عليها البشر أو لايقدر عليها الانس والجن أو لا يقدر عليها الا الله بمعنى أنه لا يقدر عليها أحدبحيلة واكتساب كما يقدرون على السحر والكهانة فبذلك تتميز آياتهم عما ليس منآياتهم وإلا فلفظ العجائب قد يدخل فيه بعض الناس الشعبذة ونحوها ، والتعجب فياللغة يكون من أمر خرج عن نظائره وما خرج عن نظائره فقد خرق تلك العادة المعينة فينظائره فهو أيضا خارق للعادة وهذا شرط في آيات الانبياء أن لا يكون لها نظير لغيرالانبياء ومن يصدقهم فإذا وجد نظيرها من كل وجه لغير الانبياء ومن شهد لهم بالنبوةلم تكن تلك من آياتهم بل كانت مشتركة بين من يخبر بنبوتهم ومن لا يخبر بنبوتهم كمايشترك هؤلاء وهؤلاء في الطب والصناعات.


وأما السحر والكهانة فهو من إعانةالشياطين لبني آدم فإن الكاهن يخبره الجن وكذلك الساحر انما يقتل ويمرض ويصعد فيالهواء ونحو ذلك باعانة الشياطين له فأمورهم خارجة عما اعتاده الانس باعانةالشياطين لهم قال تعالى : : ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قداستكثرتم من الانس وقال أوليائهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلناالذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله فالجن والانس قداستمتع بعضهم ببعض فاستخدم هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء في أمور كثيرة كل منهم فعلللآخر ما هو غرضه ليعينه على غرضه والسحر والكهانة من هذا الباب وكذلك ما يوجدلعباد الكفار من المشركين وأهل الكتاب ولعباد المنافقين والملحدين من المظهرينللاسلام والمبتدعين منهم كلها باعانة الجن والشياطين لكن الشياطين تظهر عند كل قومبما لا ينكرونه فإذا كان القوم كفارا لا ينكرون السحر والكهانة كما كانت العربوكالهند والترك المشركين ظهروا بهذا الوصف لأن هذا معظم عند تلك الأمة وإن كان هذامذموما عند أولئك كما قد ظهر ذم هؤلاء عند أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارىأظهرته الشياطين فيمن يظهر العبادة ولا يكون مخلصا لله في عبادته متبعا للانبياءبل يكون فيه شرك ونفاق وبدعة فتظهر له هذه الامور التي ظهرت للكهان والسحرة حتىيظن أولئك أن هذه من كرامات الصالحين وأن ما هو عليه هذا الشخص من العبادة هو طريقأولياء الله وإن كان مخالفا لطريق الانبياء حتى يعتقد من يعتقد أن لله طريقايسلكها اليه أولياؤه غير الايمان بالانبياء وتصديقهم وقد يعتقد بعض هؤلاء أن فيهؤلاء من هو أفضل من الانبياء وحقيقة الامر أن هؤلاء عارضوا الانبياء كما كانتتعارضهم السحرة والكهان كما عارضت السحرة لموسى وكما كان كثير من المنافقينيتحاكمون إلى بعض الكهان دون النبي صلى الله عليه و سلم ويجعلونه نظير النبي وكانفي العرب عدة من هؤلاء وكان بالمدينة منهم أبو برزة الاسلمي قبل أن يسلم كان كاهناوقد قيل ان الذي أنزل الله تعالى : فيه الم تر الى الذين يزعمون أنهم آمنوابما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أنيكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وقد ذكر قصته غير واحد من المفسرين.

ولما كان الذين يعارضون آيات الانبياءمن السحرة والكهان لا يأتون بمثل آياتهم بل يكون بينهما شبه كشبه الشعر بالقرآنولهذا قالوا في النبي إنه ساحر وكاهن وشاعر مجنون قال تعالى : انظر كيفضربوا لك الامثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا فجعلوا له مثلا لا يماثله بل بينهماشبه مع وجود الفارق المبين وهذا هو القياس الفاسد فلما كان الشعر كلاما له فواصلومقاطع والقرآن آيات له فواصل ومقاطع قالوا شاعر ولكن شتان وكذلك الكاهن يخبر ببعضالمغيبات ولكن يكذب كثيرا وهو يخبر بذلك عن الشياطين وعليه من آثارهم ما يدل علىأنه أفاك أثيم كما قال تعالى : هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كلأفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ثم قال والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهمفي كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون فذكر سبحانه الفرق بين النبي وبينالكاهن والشاعر وكذلك الساحر لما كان يتصرف في العقول والنفوس بما يغيرها وكان منسمع القرآن وكلام الرسول خضع له عقله ولبه وانقادت له نفسه وقلبه صاروا يقولونساحر وشتان وكذلك مجنون لما كان المجنون يخالف عادات الكفار وغيرهم لكن بما فيهفساد لا صلاح والانبياء جاءوا بما يخالف عادات الكفار لكن بما فيه صلاح لا فسادقالوا مجنون قال تعالى : كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحرأو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون فتارة يصفونه بغاية الحذر والخبرة والمعرفةفيقولون ساحر وتارة بغاية الجهل والغباوة والحمق فيقولون مجنون وقد ضلوا في هذاوهذا كما قال تعالى : انظر كيف ضربوا لك الامثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلافهم بمنزلة السائر في الطريق وقد ضل عنها يأخذ يمينا وشمالا ولا يهتدي الى السبيلالتي تسلك والسبيل التي يجب سلوكها قول الصدق والعمل بالعدل .

والكهانة والسحر يناقض النبوة فإنهؤلاء تعينهم الشياطين تخبرهم وتعاونهم بتصرفات خارقة ومقصودهم الكفر والفسوقوالعصيان والانبياء تعينهم الملائكة هم الذين يأتونهم فيخبرونهم بالغيب ويعاونونهمبتصرفات خارقة كما كانت الملائكة تعين النبي صلى الله عليه و سلم في مغازية مثليوم بدر أمده الله بألف من الملائكة ويوم حنين قال ويوم حنين اذ أعجبتكم كثرتكمفلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل اللهسكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاءالكافرين ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم وقال تعالى : ان لا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار اذيقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروهاوقال تعالى : اذ يوحي ربك الى الملائكة إني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقيفي قلوب الذين كفروا الرعب وقد بين سبحانه أن الذي جاء بالقرآن ملك كريم ليسبشيطان فقال إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكمبمجنون ولقد رآه بالافق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيمفأين تذهبون.

ولما كانت الانبياء مؤيدة بالملائكةوالسحرة والكهان تقترن بهم الشياطين كان من الفروق التي بينهم الفروق التي بينالملائكة والشياطين والمتفلسفة الذين لم يعرفوا الملائكة والجن كابن سينا وأمثالهظنوا أن هذه الخوارق من قوى النفس قالوا والفرق بين النبي والساحر أن النبي يأمربالخير والساحر يأمر بالشر وجعلوا ما يحصل للممرور من هذا الجنس اذ لم يعرفوا صرعالجن للانسان وإن الجني يتكلم على لسان الانسان كما قد عرف ذلك الخاصة والعامةوعرفه علماء الأمة وأئمتها كما قد بسط في غير هذا الموضع والجهمية المجبرة الذينقالوا ان الله قد يفعل كل ممكن مقدور لا ينزهونه عن فعل شيء ويقولون انه يفعل بلاسبب ولا حكمة وهو الخالق بجميع الحوادث لم يفرقوا بين ما تأتي به الملائكة ولا ماتأتي به الشياطين بل الجميع يضيفونه الى الله على حد واحد ليس في ذلك حسن ولا قبيحعندهم حتى يأتي الرسول فقبل ثبوت الرسالة لا يميزون بين شيء من الخير والشر والحسنوالقبيح فلهذا لم يفرقوا بين آيات الانبياء وخوارق السحرة والكهان بل قالوا مايأتي به السحرة والكهان يجوز أن يكون من آيات الانبياء وما ياتي به الانبياء يجوزأن يظهر على أيدي السحرة والكهان لكن ان دل على انتفاء ذلك نص أو إجماع نفوه معأنه جائز عندهم أن يفعله الله لكن بالخبر علموا أنه لم يفعله فهؤلاء لما رأوا ماجاءت به الانبياء وعلموا أن آياتهم تدل على صدقهم وعلموا ذلك اما بضرورة وإما بنظرواحتاجوا الى بيان دلائل النبوة على أصلهم كان غاية ما قالوا أنه كل شيء يمكن أنيكون آية للنبي بشرط أن يقترن بدعواه وبشرط أن يتحدى بالاتيان بالمثل فلا يعارضومعنى التحدي بالمثل أن يقول لمن دعاهم ائتوا بمثله وزعموا أنه اذا كان هناك سحرةوكهان وكانت معجزته من جنس ما يظهر على أيديهم من السحر والكهانة فإن الله لا بدأن يمنعهم عن مثل ما كانوا يفعلونه وأن من ادعى منهم النبوة فانه يمنعه من تلكالخوارق أو يقيض له من يعارضه بمثلها فهذا غاية تحقيقهم وفيه من الفساد ما يطولوصفه .

وطاعة الجن والشياطين لسليمان صلواتالله عليه لم تكن من جنس معاونتهم للسحرة والكهان والكفار وأهل الضلال والغي ولمتكن الآية والمعجزة والكرامة التي أكرمه الله بها هي ما كانوا يعتادونه مع الانسفإن ذلك انما كان يكون في أمور معتادة مثل اخبارهم أحيانا ببعض الغائبات ومثلإمراضهم وقتلهم لبعض الانس كما أن الانسي قد يمرض ويقتل غيره ثم هم انما يعاونونالانس على الإثم والعدوان إذا كانت الاناسي من أهل الإثم والعدوان يفعلون ما تهواهالشياطين فتفعل الشياطين بعض ما يهوونه قال تعالى : ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من الانس وقال أوليائهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعضوأما التسخير الذي سخروه لسليمان فلم يكن لغيره من الانبياء فضلا عمن ليس بنبي وقدسأل ربه ملكا لا ينبغي لاحد من بعده فقال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد منبعدي إنك أنت الوهاب قال تعالى : فسخروا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصابوالشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الاصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغيرحساب وقال تعالى : ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره على الارض التي باركنافيها وكنا بكل شيء عالمين ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهحافظين وقال تعالى : ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلناله عينالقطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذابالسعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آلدواد شكرا وقليل من عبادي الشكور فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابةالأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فيالعذاب المهين وكذلك ما ذكره من قول العفريت له أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامكفهذه الطاعة من التسخبر بغير اختيارهم في مثل هذه الاعمال الظاهرة العظيمة ليس ممافعلته بأحد من الانس وكان ذلك بغير أن يفعل شيئا مما يهوونه من العزائم والاقساموالطلاسم الشركية كما يزعم الكفار أن سليمان سخرهم بهذا فنزهه الله عن ذلك بقولهواتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروايعلمون الناس السحر وأما طاعة الجن لنبينا وغيره من الرسل كموسى فهذا نوع آخر فانهذا طاعتهم فيما أمرهم الله به من عبادته وطاعته كطاعة الانس لنبينا حيث أرسل الىالطائفتين فدعاهم الى عبادة الله وحده وطاعته ونهاهم عن معصيته التي بها يستحقونالعذاب في الآخرة وكذلك الرسل دعوهم إلى ذلك وسليمان منهم لكن هذا انما ينتفع بهمنهم من آمن طوعا ومن لم يؤمن فإنه يكون بحسب شريعة ذلك الرسول هل يترك حتى يكونالله هو الذي ينتقم منه أو يجاهد وسليمان كان على شريعة التوراة واستخدامه لمن لميؤمن منهم هو مثل استخدام الاسير الكافر فحال نبينا مع الجن والانس أكمل من حالسليمان وغيره فإن طاعتهم لسليمان كانت طاعة ملكية فيما يشاء وأما طاعتهم لمحمدفطاعة نبوة ورسالة فيما يأمرهم به من عبادة الله وطاعة الله واجتناب معصية اللهفان سليمان كان نبيا ملكا ومحمد صلى الله عليه و سلم كان عبدا رسولا مثل ابراهيم وموسىوسليمان مثل داود ويوسف وغيرهما مع أن داود وسليمان ويوسف هم رسل أيضا دعوا إلىتوحيد الله وعبادته كما أخبر الله أن يوسف دعا أهل مصر لكن بغير معاداة لمن لميؤمن ولا إظهار مناوأة بالذم والعيب والطعن لما هم عليه كما كان نبينا أول ما انزلعليه الوحي وكانت قريش اذ ذاك تقره ولا تنكر عليه إلى أن أظهر عيب آلهتهم ودينهموعيب ما كانت عليه آباؤهم وسفه أحلامهم فهنالك عادوه وآذوه وكان ذلك جهادا باللسانقبل أن يؤمر بجهاد اليد قال تعالى : ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلاتطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا وكذلك موسى مع فرعون أمره أن يؤمن بالله وأنيرسل معه بني إسرائيل وان كره ذلك وجاهد فرعون بالزامه بذلك بالآيات التي كان اللهيعاقبهم بها إلى أن أهلكه الله وقومه على يديه

***********************

الفصل الثاني : خوارقالسحرة والكهان مناقضة للنبوة ولا تخرج عن مقدور الجن والإنس
فصل فجميع ما يختص بالسحرة والكهان هومناقض للنبوة فوجود ذلك يدل على أن صاحبه ليس بنبي ويمتنع أن يكون شيء من ذلكدليلا على النبوة فإن ما استلزم عدم الشيء لا يستلزم وجوده وكذلك ما يأتي به أهلالطلاسم وعبادة الكواكب ومخاطبتها كل ذلك مناقض للنبوة فان النبي لا يكون إلامؤمنا وهؤلاء كفار فوجود ما يناقض الايمان هو مناقض للنبوة بطريق الأولى وهو آيةودليل وبرهان على عدم النبوة فيمتنع أن يكون دليلا على وجودها وجميع ما يختصبالسحرة والكهان وغيرهم ممن ليس بنبي لا يخرج عن مقدور الانس والجن وأعني بالمقدورما يمكنهم التوصل اليه بطريق من الطرق فان من الناس من يقول ان المقدور لا بد أنيكون في محل القدرة وليس هذا هو لغة العرب ولا غيرهم من الأمم لا لغة القرآنوالحديث ولا غيرهما وإنما يدعون ذلك من جهة العقل وقولهم في ذلك باطل من جهة العقللكن المقصود هنا التكلم باللغة المعروفة لغة العرب وغيرهم التي كان نبينا صلى اللهعليه و سلم وغيره يخاطب بها الناس كقوله في الحديث الصحيح لابي مسعود بما ضربغلامه اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك على هذا فجعل نفس المملوكمقدورا عليه لسيده كما يقول الناس القوة على الضعيف ضعف في القوة ويقولون فلانقادر على فلان وفلان عجز عن فلان ويقولون فلان ناسج هذا الثوب وبنى هذه الدار ومنهقوله تعالى : ويصنع الفلك فجعل الفلك مصنوعة لنوح ومنه قوله تعالى : والله خلقكم وما تعملون أي والأصنام التي تعملونها وتنحتونها فجعل ما في الاصناممن التأليف معمولا لهم كما جعل تأليف السفية مصنوعا لهم وهذا كثير والمقصود هنا أنما يأتي به السحرة والكهان ونحوهم هو مما يصنعه الانس والجن لا يخرج ذلك عنهموالانس والجن قد أرسلت اليهم الرسل فآيات الانبياء خارجة عن قدرة الانس والجن لايقدر عليها لا الانس ولا الجن ولله الحمد والمنة ومقدورات الجن هي من جنس مقدوراتالانس لكن تختلف في المواضع فإن الإنسي يقدر على أن يضرب غيره حتى يمرض أو يموت بليقدر أن يكلمه بكلام يمرض به أو يموت فما يقدر عليه الساحر من سحر بعض الناس حتىيمرض أو يموت هو من مقدور الجن وهومن جنس مقدور الانس ومنعه من الجماع هو من جنسالمرض المانع له من ذلك والحب والبغض لبعض الناس كما يفعله الساحر هو من استعانتهبالشياطين وهو من جنس مقدور الانس بل شياطين الانس قد يؤثرون من البغض والحب أعظممما تؤثره شياطين الجن والجن تقدر على الطيران في الهواء وهو من الأعمال والطيورتطير فهو من جنس مقدور الانس لكن يختلف المحل بأن هؤلاء سيرهم في الهواء والانسسيرهم على الأرض وكذلك المشي على الماء وطي الارض وهو قطع المسافة البعيدة في زمانقريب هو من هذا الجنس هو مما تفعله الجن وهو مما تفعله الجن ببعض الناس وقد أخبرالله عن العفريت أنه قال لسليمان عن عرش بلقيش وهو باليمن وسليمان بالشام أنا آتيكبه قبل أن تقوم من مقامك ولهذا يوجد كثير من الكفاروالفساق والجهال تطير بهم الجن في الهواء وتمشي بهم على الماء وتقطع بهم المسافةالبعيدة في المدة القريبة وليس شيء من ذلك من آيات الانبياء ولله الحمدوالمنة .

إذ كان مقدور الانس والجن والاخبارببعض الامور الغائبة التي يأتي بها الكهان هو أيضا من مقدور الجن فإنهم تارة يرونالغائب فيخبرون به وتارة يسترقون السمع من السماء فيخبرون به وتارة يسترقون وهميكذبون في ذلك كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم عنهم وما تخبر به الانبياء منالغيب لا يقدر عليه إنس ولا جن ولا كذب فيه وأخبار الكهان وغيرهم كذبها أكثر منصدقها وكذلك كل من تعود الاخبار عن الغائب فاخبار الجن لا بد أن تكذب فإنه من طلبمنهم الاخبار بالمغيب كان من جنس الكهان وكذبوا في بعض ما يخبرون به وإن كانواصادقين في البعض وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن الكهانفقيل له إن منا قوما يأتون الكهان قال فلا تأتوهم وثبت عنه في الصحيح أنه قال منأتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما وفي السنن عنه أنه قال مناقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد والنبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى لم يكن المقصود مجرد وصولهالى الاقصى بل المقصود ما ذكره الله بقوله لنريه من آياتنا كما قال في سورة النجمولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى مازاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى وما رآه مختص بالانبياء لا يكون ذلكلمن خالفهم ولا يريه الله تعالى : ما أراه محمد حين أسري به وكذلك صلاتهبالانبياء في المسجد الاقصى وركوبه على البراق هذا كله من خصائص الانبياء .

والذين تحملهم الجن وتطير بهم من مكانالى مكان أكثرهم لا يدري كيف حمل بل يحمل الرجل الى عرفات ويرجع وما يدري كيفحملته الشياطين ولا يدعونه يفعل ما أمر الله به كما أمر الله به بل قد يقف بعرفاتمن غير إحرام ولا إتمام مناسك الحج وقد يذهبون به الى مكة ويطوف بالبيت من غيرإحرام اذا حاذى الميقات وذلك واجب في أحد قولي العلماء ومستحب في الآخر فيفوتهالمشروع أو يوقعونه في الذنب ويغرونه بأن هذا من كرامات الصالحين وليس هو مما يكرمالله به وليه بل هو مما أضلته به الشياطين وأوهمته أن ما فعله قربة وطاعة أو يكونصاحبه له عند الله منزلة عظيمة وليس هو قربة وطاعة وصاحبه لا يزداد بذلك منزلة عندالله فإن التقرب الى الله انما يكون بواجب أو مستحب وهذا ليس بواجب ولا مستحب بليضلون صاحبه ويصدونه عن تكميل ما يحبه الله منه من عبادته وطاعته وطاعة رسولهويوهمونه أن هذا من افضل الكرامات حتى يبقى طالبا له عاملا عليه وهم بسبب اعانتهمله على ذلك قد استعملوه في بعض ما يريدون مما ينقص قدره عند الله أو وقوعه في ذنوبوإن لم يعرف انها ذنوب فيكون ضالا ناقصا وإن غفر له ذلك لعدم علمه فإنه نقص درجتهوخفض منزلته بذلك الذي أوهموه أنه رفع درجته وأعلى منزلته وهذا من جنس ما تفعلهالسحرة فإن الساحر قد يصعد في الهواء والناس ينظرونه وقد يركب شيئا من الجماداتإما قصبة واما خابية وإما مكنسة وإما غير ذلك فيصعد به في الهواء وذلك أن الشياطينتحمله وتفعل الشياطين هذا ونحوه بكثير من العباد والضلال من عباد المشركين وأهلالكتاب والضلال من المسلمين فتحملهم من مكان الى مكان وقد يرى أحدهم بما يركبه إمافرس وإما غيره وهو شيطان تصور له في صورة مركوب وقد يرى أنه يمشي في الهواء من غيرمركوب والشيطان قد حمله والحكايات في هذا كثيرة معروفة عند من يعرف هذا الباب ونحننعرف من هذا أمورا يطول وصفها .

وكذلك المشي على الماء قد يجعل لهالجن ما يمشي عليه وهو يظن أنه يمشي على الماء وقد يخيلون أليه أنه التقى طرفاالنهرليعبر والنهر لم يتغير في نفسه ولكن خيلوا اليه ذلك وليس هذا ولله الحمد شيءمن جنس معجزات الانبياء وقد يمشي على الماء قوم بتأييد الله لهم وإعانته إياهمبالملائكة كما يحكى عن المسيح وكما جرى للعلاء بن الحضرمي في عبور الجيش ولابيمسلم الخولاني وذلك اعانة على الجهاد في سبيل الله كما يؤيد الله المؤمنينبالملائكة ليس هو من فعل الشياطين والفرق بينهما من جهة السبب ومن جهة الغاية أماالسبب فإن الصالحون يسمون الله ويذكرونه ويفعلون ما يحبه الله من توحيده وطاعتهفييسر لهم بذلك ما ييسره ومقصودهم به نصر الدين والاحسان الى المحتاجين وما تفعلهالشياطين يحصل بسبب الشرك والكذب والفجور والمقصود به الاعانة على مثل ذلك والجنفيهم مسلم وكافر فالمسلمون منهم يعاونون الانس المسلمين كما يعاون المسلمون بعضهمبعضا والكفار مع الكفار والجن الذين يطيعون الانس وتستخدمهم الانس ثلاثة أصنافأعلاها أن يأمروهم بما أمر الله به ورسله فيأمرونهم بعبادة الله وحده وطاعة رسلهفإن الله أوجب على الجن طاعة الرسل كما أوجب ذلك على الانس وقال تعالى : ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس وقال أولياؤهم من الإنس ربنااستمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي اجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلاما شاء الله إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون يامعشر الجن والانس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذاقالوا شهدنا على انفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرينذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافلعما يعملون فالرسل تكون من الانس الى الثقلين والنذر من الجن باتفاق العلماءواختلفوا هل يكون في الجن رسل والاكثرون على أنه لا رسل فيهم كما قال تعالى: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي اليهم من أهل القرى وعن الحسن البصريقال لم يبعث الله نبيا من أهل البادية ولا من الجن ولا من النساء ذكره عنه طائفةمنهم البغوي وابن الجوزي وقال قتادة ما نعلم أن الله أرسل رسولا قط إلا من أهلالقرى لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العمور رواه ابن أبي حاتم وذكره طائفة ونبينامحمد صلى الله عليه و سلم قد أرسل إلى الثقلين وقد آمن به من آمن من جن نصيبينفسمعوا القرآن وولوا الى قومهم منذرين ثم أتوا فبايعوه على الاسلام بشعب معروفبمكة بين الأبطح وبين جبل حراء وسألوه الطعام لهم ولدوابهم فقال لكم كل عظم ذكراسم الله عليه أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم قال النبي صلى الله عليه و سلمفلا تستنجوا بهما فانهما زاد إخوانكم من الجن والاحاديث بذلك كثيرة مشهورة فيالصحيح والسنن والمسند وكتب التفسير والفقه وغيرها .

وقد روى الترمذي وغيره أنه قرأ عليهمسورة الرحمن وهي خطاب للثقلين وقد اتفق العلماء على أن كفارهم يدخلون النار كماأخبر الله بذلك في قوله قال ادخلوا في أمم قبلكم من الجن والانس في النار كلمادخلت أمة لعنت أختها وقال الله تعالى : لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهمأجمعين وقال لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين وأما مؤمنوهم فأكثر العلماء علىأنهم يدخلون الجنة وقال طائفة بل يصيرون ترابا كالدواب والاول أصح وهو قولالأوزاعي وابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمد ونقل ذلك عن مالك والشافي وأحمد بن حنبلوهو قول أصحابهم واحتج عليه الاوزاعي وغيره بقوله ولكل درجات مما عملوا بعدذكره أهل الجنة وأهل النار من الجن والانس كما قال في سورة الأنعام وفي الاحقاف ولكلدرجات مما عملوا بعد ذكر هل الجنة والنار وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم درجاتأهل النار تذهب سفولا ودرجات أهل الجنة تذهب صعودا فنبينا صلى الله عليه و سلم هومع الجن كما هو مع الانس والانس معه إما مؤمن به وإما مسلم له وإما مسالم له وإماخائف منه وكذلك الجن منهم المؤمن به ومنهم المسلم له مع نفاق ومنهم المعاهدالمسالم لمؤمني الجن ومنهم الحربي الخائف من المؤمنين وكان هذا أفضل مما أوتيهسليمان فان الله سخر الجن لسليمان تطيعه طاعة الملوك فإن سليمان كان نبيا ملكا مثلداود ويوسف وأما محمد فهو عبد رسول مثل ابراهيم وموسى وعيسى وهؤلاء أفضل من أولئكفأولياء الله المتبعون لمحمد إنما يستخدمون الجن كما يستخدمون الانس في عبادة اللهوطاعته كما كان محمد صلى الله عليه و سلم يستعمل الانس لا في غرض له غير ذلك ومنالناس من يستخدم من يستخدمه من الإنس في أمور مباحة كذلك فيهم من يستخدم الجن فيأمور مباحة لكن هؤلاء لا يخدمهم الانس والجن الا بعوض مثل أن يخدموهم كما يخدمونهمأو يعينونهم على بعض مقاصدهم وإلا فليس أحد من الانس والجن يفعل شيئا إلا لغرضوالانس والجن اذا خدموا الرجل الصالح في بعض أغراضه المباحة فاما أن يكونوا مخلصينيطلبون الاجر من الله وإلا طلبوه منه إما دعاءه لهم وإما نفعه لهم بجاهه أو غيرذلك والقسم الثالث أن يستخدم الجن في أمور محظورة أو بأسباب محظورة مثل قتل نفسوإمراضها بغير حق ومثل منع شخص من الوطء ومثل تبغيض شخص الى شخص ومثل جلب من يهواهالشخص اليه فهذا من السحر وقد يقع مثله لكثير من الناس ولا يعرف السحر بل يكونموافقا للشياطين على بعض أغراضهم مثل شرك أو بدعة وضلالة أو ظلم أو فاحشة فيخدمونهليفعل مايهوونه وهذا كثير في عباد المشركين وأهل الكتاب وأهل الضلال من المسلمينوكثير من هؤلاء لا يعرف أن ذلك من الشياطين بل يظنه من كرامات الصالحين ومنهم منيعرف أنه من الشياطين ويرى أنه بذلك حصل له ملك وطاعة ونيل ما يشتهيه من الرياسةوالشهوات وقتل عدوه فيدخل في ذلك كما تدخل الملوك الظلمة في أغراضهم وليس أحد منالناس تطيعه الجن طاعة مطلقة كما كانت تطيع سليمان بتسخير من الله وأمر منه من غيرمعارضة كما أن الطير كانت تطيعه والريح قال تعالى : ولسليمان الريح غدوهاشهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغمنهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفانكالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور .

والجن والانس فيهم المؤمن المطيعوالمسلم الجاهل أو المنافق أو العاصي وفيهم الكافر وكل ضرب يميل الى بني جنسهوالذي أعطاه الله تعالى : سليمان خارج عن قدرة الجن والانس فإنه لا يستطيعأحد أن يسخر الجن مطلقا لطاعته ولا يستخدم أحدا منهم الا بمعاوضة إما عمل مذمومتحبه الجن وإما قوم تخضع له الشياطين كالاقسام والعزائم فان كل جني فوقه من هوأعلى منه فقد يخدمون بعض الناس طاعة لمن فوقهم كما يخدم بعض الانس لمن أمرهمسلطانهم بخدمته لكتاب معه منه وهم كارهون طاعته وقد يأخذون منه ذلك الكتاب ولايطيعونه وقد يقتلونه أو يمرضونه فكثير من الناس قتلته الجن كما يصرعونهم والصرعلأجل الزنا وتارة يقولون إنه آذاهم إما بصب نجاسة عليهم وإما بغير ذلك فيصرعون صرععقوبة وانتقام وتارة يفعلون ذلك عبثا كما يعبث شياطين الانس بالناس والجن أعظمشيطنة وأقل عقلا وأكثر جهلا والجني قد يحب الإنسي كما يحب الأنسي الانسي وكما يحبالرجل المرأة والمرأة الرجل ويغار عليه ويخدمه بأشياء واذا صار مع غيره فقد يعاقبهبالقتل وغيره كل هذا واقع ثم الذي يخدمونه تارة يسرقون له شيئا من أموال الناس ممالم يذكر اسم الله عليه ويأتونه إما بطعام وإما شراب واما لباس واما نقد وإما غيرذلك وتارة يأتونه في المفاوز بماء عذب وطعام وغير ذلك وليس شيء من ذلك من معجزاتالانبياء ولا كرامات الصالحين فإن ذلك انما يفعلونه بسبب شرك وظلم وفاحشة وهو لوكان مباحا لم يجز أن يفعل بهذا السبب فكيف اذا كان في نفسه ظلما محرما لكونه منالظلم والفواحش ونحو ذلك وقد يخبرون بأمور غائبة مما رأوه وسمعوه ويدخلون في جوفالانسان قال النبي صلى الله عليه و سلم ان الشيطان يجري من الانسان مجرى الدم لكنإنما سلطانهم كما قال الله إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلونانما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ولما قال الشيطان رب بماأغويتني لأزينن لهم في الارض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال اللهتعالى : ان عبادي ليس لك عليهم سلطان ثم قال إلا أي لكن من اتبعك من الغاوينوان جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم فأهل الاخلاصوالايمان لا سلطان له عليهم ولهذا يهربون من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرةويهربون من قراءة آية الكرسي وآخر سورة البقرة وغير ذلك من قوارع القرآن ومن الجنمن يخبر بأمور مستقبلة للكهان وغير الكهان مما يسرقونه من السمع والكهانة كانتظاهرة كثيرة بأرض العرب فلما ظهر التوحيد هربت الشياطين وبطلت أو قلت ثم انها تظهرفي المواضع التي يختفي فيها أثر التوحيد وقد كان حول المدينة بعد أن هاجر النبيصلى الله عليه و سلم كهان يتحاكمون اليهم وكان أبو بردة بن نيار كاهنا ثم أسلم بعدذلك وهو من أسلم .

والاصنام لها شياطين كانت تتراءىللسدنة أحيانا وتكلمهم أحيانا قال أبي بن كعب مع كل صنم جنية وقال ابن عباس في كلصنم شيطان يتراءى للسدنة فيكلمهم والشياطين كما قال الله تقترن بما يجانسها بأهلالكذب والفجور قال تعالى : هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاكأثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون فكيف يجوز أن يقال إن مثل هذا يكون معجزة لنبي أوكرامة لولي وهذا يناقض الايمان ويضاده والانبياء والاولياء أعداء هؤلاء قال تعالى: ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعيروقال تعالى : ألم أعهد اليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدومبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلونوهذا يظهر الفرق بين إخبار الانبياء عن الغيب ما لا سبيل لمخلوق الى علمه إلا منهكما قال تعالى : عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسولفإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بمالديهم وأحصى كل شيء عددا فقوله على غيبه هو غيبه الذي اختص به وأما ما يعلمه بعضالمخلوقين فهو غيب عمن لم يعلمه وهو شهادة لمن علمه فهذا أيضا تخبر منه الانبياءبما لا يمكن الشياطين أن تخبر به كما في إخبار اللمسيح بقوله وأنبئكم بما تأكلونوما تدخرون في بيوتكم فإن الجن قد يخبرون بما يأكله بعض الناس وبما يدخرونه لكنالشياطين انما تتسلط على من لا يذكر اسم الله كالذي لا يذكر اسم الله اذا دخلفيدخلون معه وإن لم يذكر اسم الله اذا أكل فانهم يأكلون معه وكذلك اذا ادخر شيئاولم يذكر اسم الله عليه عرفوا به وقد يسرقون بعضه كما جرى هذا لكثير من الناس وأمامن يذكر اسم الله على طعامه وعلى ما يجتازه فلا سلطان لهم عليه لا يعرفون ذلك ولايستطيعون أخذه والمسيح عليه السلام كان يخبر المؤمنين بما يأكلون وما يدخرون مماذكر اسم الله عليه والشياطين لا تعلم به ولهذا من يكون إخباره عن شياطين تخبره لايكاشف أهل الايمان والتوحيد وأهل القلوب المنورة بنور الله بل يهرب منهم ويعترفأنه لا يكاشف هؤلاء وأمثالهم وتعترف الجن والانس الذين خوارقهم بمعاونة الجن لهمأنهم لا يمكنهم أن يظهروا هذه الخوارق بحضرة أهل الايمان والقرآن ويقولون أحوالنالا تظهر قدام الشرع والكتاب والسنة وإنما تظهر عند الكفار والفجار وهذا لأن أولئكأولياء الشياطين ولهم شياطين يعاونون شياطين المخدومين ويتفقون على ما يفعلونه منالخوارق الشيطانية كدخول النار مع كونها لم تصر عليهم بردا وسلاما فإن الخليل لماألقى في النار صارت عليه بردا وسلاما وكذلك أبو مسلم الخولاني لما قال له الاسودالعنسي المتنبي أتشهد أني رسول الله قال ما أسمع قال أتشهد أن محمدا رسول الله قالنعم فأمر بنار فأوقدت له وألقي فيها فجاءوا اليه فوجدوه يصلي فيها وقد صارت عليهبردا وسلاما فقدم المدينة بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم وأخذه عمر فأجلسهبينه وبين أبي بكر وقال الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد من فعل بهكما فعل بابراهيم وأما اخوان الشياطين فاذا دخلت فيهم الشياطين فقد يدخلون النارولا تحرقهم كما يضرب أحدهم الف سوط ولا يحس بذلك فإن الشياطين تتلقى ذلك وهذا أمركثير معروف قد رأينا من ذلك ما يطول وصفه .

وقد ضربنا نحن منالشياطين في الانس ما شاء الله حتى خرجوا من الانس ولم يعاودوه وفيهم من يخرجبالذكر والقرآن وفيهم من يخرج بالوعظ والتخويف وفيهم من لا يخرج إلا بالعقوبةكالانس فهؤلاء الشياطيناذا كانوا مع جنسهم الذين لا يهابونهم فعلوا هذه الامور وأما اذا كانوا عند أهلايمان وتوحيد وفي بيوت الله التي يذكر فيها اسمه لم يجترئوا على ذلك بل يخافونالرجل الصالح أعظم مما يخافه فجار الانس ولهذا لا يمكنهم عمل سماع المكاء والتصديةفي المساجد المعمورة بذكر الله ولا بين أهل الايمان والشريعة المتبعين للرسول إنمايمكنهم ذلك في الأماكن التي تأتيها الشياطين كالمساجد المهجورة والمشاهد والمقابروالحمامات والمواخير فالمواضع التي نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة فيهاكالمقبرة وأعطان الابل والحمام وغيرها فتكون حال هؤلا فيها أقوى لأنها مواضعالشياطين كالماخور والمزبلة والحمام ونحو ذلك بخلاف الأمكنة التي ظهر فيها الايمانوالقرآن والتوحيد التي أثنى الله على أهلها وقال فيهم الله نور السماوات والأرضمثل نوره مشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرةمباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نوريهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شيء عليم في بيوت أذنالله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارةولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوبوالابصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغيرحساب فهذه أمكنة النور والصالحين والملائكة لا تتسلط عليها الشياطين بكل ما تريدبل كيدهم فيها ضعيف كما أن كيدهم في شهر رمضان ضعيف اذ كانوا فيه يسلسلون لكن لميبطل فعلهم بالكلية بل ضعف فشرهم فيه على أهل الصوم قليل بخلاف أهل الشراب وأهلالظلمات فإن الشياطين هنالك محالهم وهم يحبون الظلمة ويكرهون النور ولهذا ينتشرونبالليل كما جاء في الحديث الصحيح ولهذا أمر الله بالتعوذ من شر غاسق اذا وقبوخوارق الجن كالإخبار ببعض الامور الغائبة وكالتصرفات الموافقة لأغراض بعض الانسكثيرة معروفة في جميع الامم فقد كانت في العرب كثيرة وكذلك في الهند وفي التركوالفرس والبربر وسائر الامم فهي أمور معتادة للجن والانس وآيات الانبياء كما تقدمخارجة عن مقدور الانس والجن فإنهم مبعوثون الى الانس والجن فيمتنع أن تكون آياتهمأمورا معروفة فيمن بعثوا اليه اذ يقال هذه موجودة كثيرا للانس فلا يختص بهاالانبياء بل هذه الخوارق هي آية وعلامة على فجور صاحبها وكذبه فهي ضد آياتالانبياء التي تستلزم صدق صاحبها وعدله ولهذا يكون كثير من الذين تخدمهم الشياطينمن أهل الشياطين وهذا معروف لكثير ممن تخدمه الشياطين بل من طوائف المخدومين منيكونون كلهم من هذا الباب كالبويي الذي للترك وأكثر المولهين من هذا الباب وهميصعدون بهم في الهواء ويدخلون المدن والحصون بالليل والابواب مغلقة ويدخلون علىكثير من رؤساء الناس ويظنون أن هؤلاء صالحون قد طاروا في الهواء ولا يعرف أن الجنطارت بهم وهذه الاخوال الشيطانية تبطل أو تضعف إذا ذكر الله وتوحيده وقرئت قوارعالقرآن لا سيما آية الكرسي فإنها تبطل عامة هذه الخوارق الشيطانية وأما آياتالانبياء والأولياء فتقوى بذكر الله وتوحيده .

والجن المؤمنون قد يعينون المؤمنينبشيء من الخوارق كما يعين الانس المؤمنون للمؤمنين بما يمكنهم من الإعانة وما لايكون إلا مع الإقرار بنبوة الانبياء فهو من آياتهم فوجوده يؤيد آياتهم لا يناقضهامع أن آيات الانبياء التي يدعون اعلى من هذا وأعلى من كرامات الاولياء فإن تلك هيالآيات الكبرى والذين ذكر عنهم إنكار كرامات الاولياء من المعتزلة وغيرهم كأبياسحاق الاسفراييني وأبي محمد بن أبي زيد وكما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم لا ينكرونالدعوات المجابة ولا ينكرون الرؤيا الصادقة فإن هذا متفق عليه بين المسلمين وهو أنالله تعالى : قد يخص بعضهم بما يريه من المبشرات وقد كان سعد بن أبي وقاصمعروفا باجابة الدعاء فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال اللهم سدد رميته وأجبدعوته وحكاياته في ذلك مشهورة وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنهقال لم يبق بعدي من النبوة الا الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له وثبتعنه في الصحيح أنه قال ان من عباد الله من لو أقسم على الله لابره ذكر ذلك لماأقسم أنس بن النضر أنه لا تكسر ثنية الربيع فاستجاب الله ذلك وايضا فإن منهمالبراء بن مالك أخو أنس بن مالك وكانوا اذا اشتد الحرب يقولون يا براء أقسم علىربك فيقسم على ربه فينصرون والقسم قيل هو من جنس الدعاء لكن هو طلب مؤكد بالقسمفالسائل يخضضع ويقول أعطني والمقسم يقول أقسم عليك لتعطيني وهو خاضع سائل لكن منالناس من يدعي له من الكرامات مالا يجوز ان يكون للانبياء كقول بعضهم ان لله عبادالو شاءوا من الله أن لا يقيم القيامة لما اقامها وقول بعضهم إنه يعطي كن أي شيءأرادة قال له كن فيكون وقول بعضهم لا يعرب عن قدرته ممكن كما لا يعزب عن قدرة ربهمحال فانه لما كثر في الغلاة من يقول بالحلول والاتحاد وإلهية بعض البشر كما قالهالنصارى في المسيح صاروا يجعلون ما هو من خصائص الربوبية لبعض البشر وهذا كفروأيضا فإن كثيرا من الناس لا يكون من أهل الصلاح وتكون له خوارق شيطانية كما لعبادالمشركين وأهل الكتاب فتتجلى لهم على أنها كرامات فمن الناس من يكذب بها ومنهم منيجعل أهلها من أولياء الله وذلك لأن الطائفتين ظنت أن مثل هذه الخوارق لا يكون إلالأولياء الله ولم يميزوا بين الخوارق الشيطانية التي هي جنس ما للسحرة والكهانولعباد المشركين وأهل الكتاب وللمتنبئين الكذابين وبين الكرامات الرحمانية التييكرم الله بها عباده الصالحين فلما لم يميزوا بين هذا وهذا وكان كثير من الكفاروالفجار وأهل الضلال والبدع لهم خوارق شيطانية صار هؤلاء منهم حزبين حزبا قدشاهدوا ذلك وأخبرهم به من يعرفون صدقه فقالوا هؤلاء اولياء الله وحزبا رأوا أنأولئك خارجون عن الشريعة وعن طاعة الله ورسوله فقالوا ليس هؤلاء من الأولياء الذينلهم كرامات فكذبوا بوجود ما رآه أولئك وأولئك قد عاينوا ذلك أو تواتر عندهم فصارتكذيب هؤلاء مثل تكذيب من ينكر السحر والكهانة والجن وصرعهم للانس إذا كذب ذلك عندمن رأى ذلك أو ثبت عنده ومن كذب بما تيقن غيره وجوده نقصت حرمته عنه هذا المتيقنوكان عنده إما جاهلا وإما معاندا فربما رد عليه كثيرا من الحق بسبب ذلك ولهذا صاركثير من المنتسبين إلى زهد أو فقر أو تصرف أو وله أو غير ذلك لا يقبلون قولهم ولايعبأون بخلافهم لأنهم كذبوا بحق قد تيقنه هؤلاء وأنكروا وجوده وكذبوا بما لميحيطوا بعلمه وقد يدخلون انكار ذلك في الشرع كما أدخلت المعتزلة ونحوهم إنكاركرامات الأولياء وإنكار السحر والكهانة في الشرع بناء على أن ذلك يقدح في آياتالانبياء فجمعوا بين التكذيب بهذه الامور الموجودة وبين عدم العلم بآيات الانبياءوالفرق بينها وبين غيرها حيث ظنوا أن هذه الخوارق الشيطانية من جنس آيات الانبياءوأنها نظير لها فلو وقعت لم يكن للأنبياء ما يتميزون به والذين ردوا على هؤلاء منالأشعرية ونحوهم يشاركونهم في هذا في التسوية بين الجنسين وأنه لا فرق لكن هؤلاءلما تيقنوا وجودها جعلوا الفرق ما ليس بفرق وهو اقترانها بالدعوى والتحدي بمثلهاوعدم المعارضة وهم يقولون إنا نعلم بالضرورة أن الرب إنما خلقها لتصديق النبي وهذاكلام صحيح لكنه يستلزم بطلان ما أصلوه من أنه لا يخلق شيئا لشيء وأيضا فاختصاصهابوجود العلم الضروري عندها دون غيرها لا بد أن يكون لأمر أوجب التخصيص وهم يقولونبل قد تستوي الامور ويوجد العلم الضروري ببعضها دون بعض كما قالوا مثل ذلك فيالعادات انه يجوز انخراقها كلها بلا سبب على أعظم الوجوه كجعل الجبال بواقيت لكنيعلم بالضرورة أن هذا لا يقع فكذلك قالوا في المعجزات يجوز أن يخلقها على يد كاذبإنما خلقها على يد الصادق بما ادعى من العلم الضروري صحيح وأما قولهم إن المعلومبه يماثل غيره فغلط عظيم بل هم لم يعرفوا الفرق بمنزلة العامي الذي أوردت عليهشبهات السوفسطائية فهو يعلم بالضرورة أنها باطلة ولكن لا يعرف الفرق بينها وبينالحق ولكن العامي يقول فيها فساد لا أعرفه لا يقول دلائل الحق كدلائل الباطلوهؤلاء ادعوا الاستواء في نفس الامر فغلطوا غلطا عظيما ولو قالوا بينهما فرق لكنهلم يتخلص لنا لكان قولهم حقا وكانوا قد ذكروا عدم العلم لا العلم بالعدم كما يقولذلك كثير من الناس يقول ما أعرف الفرق بينهما وذلك أن العلم الضروري يحصل ببعضالأخبار دون بعض وقد قيل إنا نعلم أنه متواتر بحصول علمنا الضروري به والتحقيق انهاذا حصل له علم ضروري كان قد حصل الخبر الذي يوجبه لهم وقد لا يحصل لغيرهم والعلميحصل بعدد المخبرين وبصفاتهم وبأمور أخرى تنضم الى الخبر ومن جعل الاعتبار بمجردالعدد فقد غلط والأكثرون يقولون العلم الحا
خالد براهمه
خالد براهمه
Admin

عدد المساهمات : 558
تاريخ التسجيل : 13/09/2010
العمر : 67

https://doctor-khalid.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى