وأذا مرضت فهو يشفين
اهلا بك زائرنا الكريم
كي تتمكن من قراءة كل المواضيع ووضع الردود يرجى منك تشرفينا عضوا مرحبا به في منتدانا والتسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

وأذا مرضت فهو يشفين
اهلا بك زائرنا الكريم
كي تتمكن من قراءة كل المواضيع ووضع الردود يرجى منك تشرفينا عضوا مرحبا به في منتدانا والتسجيل
وأذا مرضت فهو يشفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» علاج تصلب الشرايين والجلطات القلبيه والدماغيه بعون الله تعالى
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الإثنين مارس 16, 2015 7:49 pm من طرف خالد براهمه

» علاج السرطان بالأعشاب خلال اربعة اسابيع
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الإثنين مارس 16, 2015 7:35 pm من طرف خالد براهمه

» الفستق مقوى جنسي نسبة 51%
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الخميس نوفمبر 28, 2013 7:37 pm من طرف خالد براهمه

» اسماء الأعشاب
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:35 am من طرف حسين العنوز

» آيات الشفاء في القرآن
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:30 am من طرف حسين العنوز

» اضطرابات الغدة الدرقية وعلاجها
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:29 am من طرف حسين العنوز

» رقية للعقـم والإســـقاط
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:28 am من طرف حسين العنوز

» مرضى السكري
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز

» اظفـــــــار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز

التبادل الاعلاني
مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني
دخول

لقد نسيت كلمة السر


زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني

اذهب الى الأسفل

زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني  Empty زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني

مُساهمة من طرف خالد براهمه الجمعة أكتوبر 29, 2010 3:59 am

زيارة القبور والاستنجادبالمقبور
شيخ الإسلام أحمدبن عبد الحليم ابن تيمية الحراني

[نص السؤال]
وَسُئِلَ أَحمد بن تيمية رحمهُ اللّه تعالى عمن يزور القبور ويستنجد بالمقبور فيمرضٍ به أو بفرسه أو بعيره‏:‏ يطلب إزالة المرض الذي بهم، ويقول‏:‏ يا سيدي، أنافي جيرتك، أنا في حسبك، فلان ظلمني، فلان قصد أذيتي، ويقول‏:‏ إن المقبور يكونواسطة بينه وبين اللّه تعالى‏.‏ وفيمن ينذر للمساجد، والزوايا والمشائخ حيهموميتهم بالدراهم والإبل والغنم والشمع والزيت وغير ذلك، يقول‏:‏ إن سلم ولدىفللشيخ على كذا وكذا،
وأمثال ذلك‏.‏ وفيمن يستغيث بشيخه يطلب تثبيت قلبه منذاك الواقع‏.‏ وفيمن يجيء إلى شيخه ويستلم القبر ويمرغ وجهه عليه، ويمسح القبربيديه، ويمسح بهما وجهه، وأمثال ذلك‏.‏ وفيمن يقصده بحاجته، ويقول‏:‏ يا فلان،ببركتك، أو يقول‏:‏ قضيت حاجتي بركة اللّه وبركة الشيخ‏.‏ وفيمن يعمل السماع ويجيءإلى القبر فيكشف ويحط وجهه بين يدي شيخ على الأرض ساجداً‏.‏ وفيمن قال‏:‏ إن ثمقطباً غوثا جامعا في الوجود‏.‏ أفتونا مأجورين، وابسطوا القول في ذلك‏.‏
[بداية الجواب]
فأجاب‏:‏ الحمد للّه رب العالمين، الدين الذي بعث اللّه به رسله وأنزل به كتبه هو عبادةاللّه وحده لا شريك له، واستعانته، والتوكل عليه، ودعاؤه لجلب المنافع، ودفعالمضار، كما قال تعالى‏:‏ ‏
{‏تَنزِيلُالْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَالْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِالدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَانَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفي إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُبَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَكَاذِبٌ كَفَّارٌ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 1 3‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ الْمَسَاجِدَلِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}‏‏[‏الجن‏:‏ 18‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ أَمَرَرَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُمُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏29‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلِ ادْعُواْالَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْوَلاَ تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُالْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُإِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا‏}‏‏[‏الإسراء‏:‏ 56، 57‏]‏‏.‏ قالت طائفة من السلف‏:‏ كان أقوام يدعون المسيح وعزيراوالملائكة، قال اللّه تعالى‏:‏ هؤلاء الذين تدعونهم عبادى كما أنتم عبادى، ويرجونرحمتى كما ترجون رحمتى، ويخافون عذأبي كما تخافون عذأبي، ويتقربون إلىَّ كماتتقربون إلىَّ‏.‏ فإذا كان هذا حال من يدعو الأنبياء والملائكة فكيف بمندونهم‏؟‏‏!‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَحَسِبَ الَّذِينَكَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَلِلْكَافِرِينَ نُزُلًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 102‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلِ ادْعُوا الَّذِينَزَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِيالسَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُمِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَلَهُ‏}‏ ‏[‏سبأ‏:‏ 22، 23‏]‏‏.‏ فبين سبحانه أن من دعي مندون اللّه من جميع المخلوقات من الملائكة والبشر وغيرهم أنهم لا يملكون مثقال ذرةفي ملكه، وأنه ليس له شريك في ملكه، بل هو سبحانه له الملك، وله الحمد، وهو على كلشيء قدير، وأنه ليس له عون يعاونه كما يكون للملك أعوان وظهراء، وأن الشفعاء عندهلا يشفعون إلا لمن ارتضى، فنفي بذلك وجوه الشرك‏.‏

وذلك أن من يدعون من دونه، إما أن يكون مالكا، وإما ألا يكون مالكا، وإذا لم يكنمالكا فإما أن يكون شريكا، وإما ألا يكون شريكا، وإذا لم يكن شريكا فإما أن يكونمعاوناً، وإما أن يكون سائلا طالباً‏.‏ فالأقسام الأول الثلاثة وهى‏:‏ الملك،والشركة والمعاونة
منتفية، وأما الرابعفلا يكون إلا من بعد إذنه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِييَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏،وكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَاتُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنيَشَاء وَيَرضي‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏ 26‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَمِ اتَّخَذُوا مِندُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَايَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 43، 44‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ الَّذِيخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّاسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍأَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ‏}‏ ‏[‏السجدة‏:‏ 4‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنذِرْ بِهِالَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِوَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 51‏]‏،وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُالْكِتَابَ وَالْحُكْمَوَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِوَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَاكُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَوَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُممُّسْلِمُونَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 79‏:‏ 80‏]‏‏.‏ فإذا جعل مناتخذ الملائكة والنبيين أربابا كافراً، فكيف من اتخذ من دونهم من المشايخ وغيرهمأربابا ‏؟‏‏!‏

وتفصيل القول‏:‏ أن مطلوب العبد إن كان من الأمور التى لا يقدر عليها إلا اللّهتعالى؛ مثل أن يطلب شفاء مريضه من الآدميين والبهائم، أو وفاء دينه من غير جهةمعينة، أو عافية أهله، وما به من بلاء الدنيا والآخرة، وانتصاره على عدوه، وهدايةقلبه، وغفران ذنبه، أو دخوله الجنة أو نجاته من النار، أو
أنيتعلم العلم والقرآن، أو أن يصلح قلبه ويحسن خلقه ويزكى نفسه، وأمثال ذلك فهذهالأمور كلها لا يجوز أن تطلب إلا من اللّه تعالى، ولا يجوز أن يقول لملك ولا نبيولا شيخ سواء كان حياً أو ميتاً ‏:‏ اغفر ذنبي، ولا انصرنى على عدوى، ولا اشفمريضى، ولا عافنى أو عاف أهلى أو دابتى،وما أشبه ذلك‏.‏ ومن سأل ذلك مخلوقا كائناًمن كان، فهو مشرك بربه، من جنس المشركين الذين يعبدون الملائكة والأنبياء والتماثيلالتى يصورونها على صورهم، ومن جنس دعاء النصارى للمسيح وأمه، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَقُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ‏}‏ الآية ‏[‏المائدة‏:‏ 116‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًامِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّلِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّايُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 31‏]‏‏.‏

وأما ما يقدر عليه العبد فيجوز أن يطلب منه في بعض الأحوال دون بعض؛ فإن مسألةالمخلوق قد تكون جائزة، وقد تكون منهيا عنها، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏
{‏فَإِذَا فَرَغْتَفَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ‏}‏ ‏[‏الشرح‏:‏ 7، 8‏]‏،وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس‏:‏ ‏"‏إذا سألت فاسألاللّه، وإذا استعنت فاستعن باللّه‏"‏، وأوصى النبي صلىالله عليه وسلم طائفة من أصحابه‏:‏ ألا يسألوا الناس شيئا‏.‏ فكان سوط أحدهم يسقطمن كفه فلا يقول لأحد‏:‏ ناولنى إياه‏.‏ وثبت في الصحيحين أنه صلى اللّه عليه وآلهوسلم قال‏:‏ ‏"‏يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفا بغير حساب، وهم الذين لايسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون‏"‏‏.‏ والاسترقاء طلبالرقية، وهو من أنواع الدعاء، ومع هذا فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏‏"‏ما من رجل يدعو له أخوه بظهر الغيب دعوة، إلا وكل اللّه بهاملكا كلما دعا لأخيه دعوة قال الملك‏:‏ ولك مثل ذلك‏"‏‏.‏

ومن المشروع في الدعاء دعاء غائب لغائب؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلمبالصلاة عليه، وطلبنا الوسيلة له، وأخبر بما لنا في ذلك من الأجر إذا دعونا بذلك،فقال في الحديث‏:‏
‏"‏إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثمصلوا على، فإن من صلى عليَّ مرة صلى اللّه عليه عشراً، ثم سلو اللّه لى الوسيلة،فإنها درجة في الجنة لا ينبغى أن تكون إلا لعبد من عباد اللّه، وأرجو أن أكون أناذلك العبد‏.‏ فمن سأل اللّه لى الوسيلة حلت له شفاعتى يوم القيامة‏"‏‏.‏

ويشرع للمسلم أن يطلب الدعاء ممن هو فوقه وممن هو دونه، فقد روى طلب الدعاء منالأعلى والأدنى؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم ودع عمر إلى العمرة، وقال‏:‏
‏"‏لا تنسنا مندعائك يا أخى‏"‏، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمرنابالصلاة عليه وطلب الوسيلة له ذكر أن من صلى عليه مرة صلى الله بها عليه عشراً،وأن من سأل له الوسيلة حلَّت له شفاعته يوم القيامة، فكان طلبه منا لمنفعتنا فيذلك، وفرق بين من طلب من غيره شيئا لمنفعة المطلوب منه، ومن يسأل غيره لحاجته إليهفقط‏.‏ وثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ذكر أُوَيْساً القَرَنى وقاللعمر‏:‏ ‏"‏إن استطعت أن يستغفر لك فافعل‏"‏‏.‏

وفي الصحيحين أنه كان بين أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما شىء، فقال أبو بكر لعمر‏:‏استغفر لى، لكن في الحديث‏:‏ أن أبا بكر ذكر أنه حنق على عمر‏.‏ وثبت أن أقواماكانوا يسترقون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقيهم‏.‏


وثبت في الصحيحين أن الناس لما أجدبوا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقىلهم فدعا اللّه لهم فسقوا‏.‏ وفي الصحيحين أيضًا‏:‏ أن عمر بن الخطاب رضي اللّهعنه استسقى بالعباس فدعا، فقال‏:‏ اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينافتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون‏.‏ وفي السنن‏:‏ أن أعرابياقال للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ جهدت الأنفس، وجاع العيال، وهلك المال، فادعاللّه لنا، فإنا نستشفع باللّه عليك، وبك على اللّه‏.‏ فسبح رسول اللّه صلى اللهعليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، وقال‏:
‏‏"‏ويحك ‏!‏ إناللّه لا يستشفع به على أحد من خلقه، شأن اللّه أعظم من ذلك‏"‏‏.‏ فأقره على قوله‏:‏‏"‏إنا نستشفع بك على اللّه‏"‏، وأنكر عليه‏:‏ ‏"‏نستشفع باللّهعليك‏"‏؛ لأن الشافع يسأل المشفوع إليه، والعبد يسأل ربه ويستشفع إليه، والربتعالى لا يسأل العبد ولا يستشفع به‏.‏
[ كيفية الزيارة الشرعية للقبور ]
وأما زيارة القبور المشروعة،فهو أن يسلم على الميت ويدعو له بمنزلةالصلاة علىجنازته،كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابهإذا زاروا القبور أن يقولوا‏:‏ ‏"‏ سلامعليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون، ويرحم اللّه المستقدمينمنا ومنكم والمستأخرين، نسأل اللّه لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولاتفتنا بعدهم‏"‏‏.‏ وروى عن النبي صلىالله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ما من رجل يمربقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد اللّه عليه روحه حتى يرد عليهالسلام‏"‏‏.‏ واللّه تعالى يثيب الحى إذادعا للميت المؤمن، كما يثيبه إذا صلى على جنازته؛ ولهذا نهى النبي صلى الله عليهوسلم أن يفعل ذلك بالمنافقين، فقال عز من قائل‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَقَبْرِهِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏84‏]‏‏.‏ فليس فيالزيارة الشرعية حاجة الحى إلى الميت، ولا مسألته ولا توسله به، بل فيها منفعةالحى للميت، كالصلاة عليه، واللّه تعالى يرحم هذا بدعاء هذا وإحسانه إليه، ويثيبهذا على عمله، فإنه ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث‏:‏ صدقةجارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له‏"‏‏.‏
فصل[ حكم من يأتي إلى قبر النبي أو صالح ويسألهويستنجدبه ]
وأما من يأتى إلى قبر نبي أو صالح، أو من يعتقد فيه أنه قبر نبي أو رجل صالح وليس كذلك،ويسأله ويستنجده فهذا على ثلاث درجات‏:‏
إحداها‏:‏ أن يسأله حاجته، مثل أن يسأله أن يزيل مرضه، أو مرض دوابه، أو يقضىدينه، أو ينتقم له من عدوه، أو يعافي نفسه وأهله ودوابه، ونحو ذلك مما لا يقدرعليه إلا اللّه عز وجل، فهذا شرك صريح، يجب أن يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل‏.‏
وإن قال‏:‏ أنا أسأله لكونه أقرب إلى اللّه منى ليشفع لى في هذه الأمور؛ لأنىأتوسل إلى اللّه به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه، فهذا من أفعال المشركينوالنصارى، فإنهم يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم فيمطالبهم، وكذلك أخبر اللّه عن المشركين أنهم قالوا‏:‏
‏{‏مَا نَعْبُدُهُمْإِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفي‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 3‏]‏،وقال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءقُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِالشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِتُرْجَعُونَ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 43، 44‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا لَكُم مِّن دُونِهِمِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ‏}‏ ‏[‏السجدة‏:‏ 4‏]‏، وقالتعالى‏:‏ ‏{‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏255‏]‏‏.‏ فبين الفرق بينه وبين خلقه‏.‏ فإن من عادة الناس أن يستشفعوا إلى الكبيرمن كبرائهم بمن يكرم عليه، فيسأله ذلك الشفيع، فيقضى حاجته؛ إما رغبة، وإما رهبة،وإما حياءً وإما مودة، وإما غير ذلك، واللّه سبحانه لا يشفع عنده أحد حتى يأذن هوللشافع، فلا يفعل إلا ما شاء، وشفاعة الشافع من إذنه، فالأمر كله له‏.‏

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديثالمتفق عليه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ‏:‏ ‏"‏لا يقولن أحدكم‏:‏اللهم اغفر لى إن شئت، اللهم ارحمنى إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، فإن اللّه لامكره له‏"‏‏.‏ فبين أن الرب سبحانه يفعل ما يشاء لا يكرههأحد على ما اختاره، كما قد يكره الشافع المشفوع إليه، وكما يكره السائل المسؤولإذا ألح عليه وآذاه بالمسألة‏.‏ فالرغبة يجب أن تكون إليه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِذَا فَرَغْتَفَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ‏}‏ ‏[‏الشرح‏:‏ 7،8‏]‏‏.‏ والرهبة تكون من اللّه كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِيَّايَفَارْهَبُونِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 40‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَخْشَوُاْالنَّاسَ وَاخْشَوْنِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 44‏]‏‏.‏ وقد أمرنا أن نصلى علىالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء، وجعل ذلك من أسباب إجابة دعائنا‏.‏

وقول كثير من الضلال‏:‏هذا أقرب إلى اللّه منى، وأنا بعيد من اللّه لا يمكننى أن أدعوه إلا بهذه الواسطة،ونحو ذلك من أقوال المشركين، فإن اللّه تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَإِذَا سَأَلَكَعِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 186‏]‏‏.‏وقد روى‏:‏ أن الصحابة قالوا‏:‏ يارسول اللّه، ربنا قريب فنناجيه، أم بعيدفنناديه‏؟‏ فأنزل اللّه هذه الآية‏.‏ وفي الصحيح أنهم كانوا في سفر، وكانوا يرفعونأصواتهم بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يا أيها الناس،ارْبَعُوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، بل تدعون سميعا قريبا، إنالذى تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته‏"‏ وقد أمر اللّه تعالىالعباد كلهم بالصلاة له ومناجاته وأمر كلا منهم أن يقول‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُوإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ ‏[‏الفاتحة‏:‏ 5‏]‏‏.‏ وقد أخبر عن المشركينأنهم قالوا‏:‏ ‏{‏مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَىاللَّهِ زُلْفي‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 3‏]‏‏.‏
ثم يقال لهذا المشرك‏:‏ أنت إذا دعوت هذا، فإن كنت تظن أنه أعلم بحالك وأقدر علىعطاء سؤالك أو أرحم بك، فهذا جهل وضلال وكفر‏.‏ وإن كنت تعلم أن اللّه أعلم وأقدروأرحم، فلم عدلت عن سؤاله إلى سؤال غيره‏؟‏ ألا تسمع إلى ما خرجه البخارى وغيره عنجابر رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة فيالأمور، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول‏:‏ ‏
"‏إذا هَمَّ أحدكمبأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل‏:‏ اللهم إنى أستخيرك بعلمك، واستقدركبقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم،فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علامالغيوب‏.‏ اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى في دينى ومعاشى، وعاقبة أمرى،فاقْدُرْه لى، ويسره لى، ثم بارك لى فيه، وإن كنت تعمل أن هذا الأمر شر لى فيدينى، ومعاشى، وعاقبة أمرى، فاصرفه عنى، واصرفنى عنه، واقْدُرْ لى الخير حيث كان،ثم أرْضِنى به قال‏:‏ ويسمى حاجته‏"‏‏.‏ أمر العبد أنيقول‏:‏ ‏"‏أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلكالعظيم‏"‏‏.‏

وإن كنت تعلم أنه أقرب إلى اللّه منك وأعلى درجة عند اللّه منك فهذا حق؛ لكن كلمةحق أريد بها باطل؛ فإنه إذا كان أقرب منك وأعلى درجة منك فإنما معناه‏:‏ أن يثيبهويعطيه أكثر مما يعطيك، ليس معناه‏:‏ أنك إذا دعوته كان اللّه يقضى حاجتك أعظم ممايقضيها إذا دعوت أنت اللّه تعالى، فإنك إن كنت مستحقا للعقاب ورد الدعاء مثلا لمافيه من العدوان فالنبي والصالح لا يعين على ما يكرهه اللّه، ولا يسعى فيما يبغضهاللّه، وإن لم يكن كذلك، فاللّه أولى بالرحمة والقبول‏.‏

[ طلب الدعاء من الغير حيا كان أو ميتا ]
وإن قلت‏:‏ هذا إذا دعا اللّه أجاب دعاءه أعظم مما يجيبه إذا دعوته، فهذا هو:
القسم الثاني‏: وهو‏ ألا تطلب منه الفعل ولا تدعوه، ولكن تطلب أن يدعو لك‏.‏ كماتقول للحى‏:‏ ادع لى، وكما كان الصحابة رضوان اللّه عليهم يطلبون من النبي صلىالله عليه وسلم، الدعاء، فهذا مشروع في
الحي كما تقدم، وأماالميت من الأنبياء والصالحين وغيرهم فلم يشرع لنا أن نقول‏:‏ ادع لنا، ولا اسأللنا ربك، ولم يفعل هذا أحد من الصحابة والتابعين، ولا أمر به أحد من الأئمة، ولاورد فيه حديث، بل الذي ثبت في الصحيح أنهم لما أجدبوا زمن عمر رضي اللّه عنهاستسقى بالعباس، وقال‏:‏ اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا،وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون‏.‏ ولم يجيئوا إلى قبر النبي صلى اللهعليه وسلم قائلين‏:‏ يا رسول اللّه، ادع اللّه لنا واستسق لنا، ونحن نشكوا إليكمما أصابنا، ونحو ذلك‏.‏ لم يفعل ذلك أحد من الصحابة قط، بل هو بدعة، ما أنزلاللّه بها من سلطان،بل كانوا إذا جاؤوا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يسلمونعليه، فإذا أرادوا الدعاء لم يدعوا اللّه مستقبلى القبر الشريف، بل ينحرفونويستقبلون القبلة، ويدعون اللّه وحده لا شريك له كما يدعونه في سائر البقاع‏.‏

وذلك أن في ‏[‏الموطأ‏]‏ وغيره عنه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
‏"‏اللهم لا تجعلقبرى وثنا يعبد، اشتد غضب اللّه على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏"‏‏.‏ وفي السنن عنه أنهقال‏:‏ ‏"‏لا تتخذوا قبرى عيداً، وصلُّوا على حيثما كنتم، فإن صلاتكمتبلغنى‏"‏‏.‏ وفي الصحيح عنه أنه قال في مرضه الذى لم يقم منه‏:‏ ‏"‏لعن اللّه اليهودوالنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏"‏ يحذر ما فعلوا‏.‏ قالتعائشة رضي اللّه عنها وعن أبويها‏:‏ ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذمسجداً‏.‏ وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس‏:‏ ‏"‏إن من كان قبلكمكانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإنى أنهاكم عنذلك‏"‏‏.‏ وفي سنن أبي داود عنه قال‏:‏ ‏"‏لعن اللّه زواراتالقبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج‏"‏‏.
ولهذا قال علماؤنا‏:‏ لا يجوز بناء المسجد على القبور، وقالوا‏:‏ إنه لا يجوز أنينذر لقبر، ولا للمجاورين عند القبر شيئاً من الأشياء، لا من درهم، ولا من زيت،ولا من شمع، ولا من حيوان، ولا غير ذلك، كله نذر معصية‏.‏ وقد ثبت في الصحيح عنالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏
‏"‏من نذر أن يطيعاللّه فليطعه، ومن نذر أن يعصى اللّه فلا يعصه‏"‏‏.‏ واختلفالعلماء‏:‏ هل على الناذر كفارة يمين‏؟‏ على قولين؛ ولهذا لم يقل أحد من أئمةالسلف‏:‏ إن الصلاة عند القبور وفي مشاهد القبور مستحبة، أو فيها فضيلة،ولا أنالصلاة هناك والدعاء أفضل من الصلاة في غير تلك البقعة والدعاء، بل اتفقوا كلهمعلى أن الصلاة في المساجد والبيوت أفضل من الصلاة عند القبور قبور الأنبياءوالصالحين سواء سميت ‏[‏مشاهد‏]‏ أو لم تسم‏.‏
وقد شرع اللّه ورسوله في المساجد دون المشاهد أشياء، فقال تعالى‏:‏
‏{‏وَمَنْ أَظْلَمُمِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِيخَرَابِهَا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 114‏]‏، ولم يقل‏:‏ المشاهد‏.‏ وقالتعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 187‏]‏ ولميقل‏:‏ في المشاهد، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ أَمَرَ رَبِّيبِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ‏}‏‏[‏الأعراف‏:‏ 29‏]‏،وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِوَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّاللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 18‏]‏،وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِأَحَدًا‏}‏ ‏[‏ الجن‏:‏ 18 ‏]‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ صلاة الرجل فيالمسجد تفضل على صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين ضعفا‏"‏، وقال صلى الله عليهوسلم‏:‏ ‏"‏من بنى للّه مسجداً بنى اللّه له بيتا في الجنة‏"‏‏.‏

وأما القبور فقد ورد نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذها مساجد، ولعن من يفعل ذلك،وقد ذكره غير واحد من الصحابة والتابعين، كما ذكره البخارى في صحيحه والطبرانىوغيره في تفاسيرهم، وذكره وَثِيمَة وغيره في ‏[‏قصص الأنبياء‏]‏ في قوله تعالى‏:‏‏
{‏وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَاسُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا‏}‏ ‏[‏نوح‏:‏ 23‏]‏،قالوا‏:‏ هذه أسماء قوم صالحين كانوا من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثمطال عليهم الأمد فاتخذوا تماثليهم أصناما‏.‏ وكان العكوف على القبور والتمسح بهاوتقبيلها والدعاء عندها وفيها ونحو ذلك هو أصل الشرك وعبادة الأوثان؛ ولهذا قالالنى صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اللهم لا تجعل قبرى وثناً يعبد‏"‏‏.‏

واتفق العلماء على أن من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر غيره منالأنبياء والصالحين الصحابة وأهل البيت وغيرهم أنه لا يتمسح به، ولا يقبله، بل ليسفي الدينا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود‏.‏ وقد ثبت فيالصحيحين‏:‏ أن عمر رضي اللّه عنه قال‏:‏ واللّه، انى لأعلم أنك حَجَر لا تضر ولاتنفع، ولولا أنى رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلك ما قَبَّلتك‏.‏


ولهذا لا يسن باتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركنى البيت اللذين يليان الحجرولا جدران البيت، ولا مقام إبراهيم، ولا صخرة بيت المقدس، ولا قبر أحد من الأنبياءوالصالحين، حتى تنازع الفقهاء في وضع اليد على منبر سيدنا رسول اللّه صلى اللهعليه وسلم لما كان موجوداً، فكرهه مالك وغيره؛ لأنه بدعة، وذكر أن مالكا لما رأىعطاء فعل ذلك لم يأخذ عنه العلم، ورخص فيه أحمد وغيره؛ لأن ابن عمر رضي اللّهعنهما فعله‏.‏ وأما التمسح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وتقبيله فكلهم كره ذلكونهى عنه؛ وذلك لأنهم علموا ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم من حسم مادة الشرك،وتحقيق التوحيد وإخلاص الدين للّه رب العالمين‏.‏


وهذا ما يظهر الفرق بين سؤال النبي صلى الله عليه وسلم والرجل الصالح في حياته،وبين سؤاله بعد موته وفي مغيبه؛ وذلك أنه في حياته لا يعبده أحد بحضوره، فإذا كانالأنبياء صلوات اللّه عليهم والصالحون أحياء لا يتركون أحداً يشرك بهم بحضورهم، بلينهونهم عن ذلك، ويعاقبونهم عليه، ولهذا قال المسيح عليه السلام ‏:‏
‏{‏مَا قُلْتُ لَهُمْإِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُعَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَالرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏117‏]‏‏.‏ وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما شاء اللّه وشئت، فقال‏:‏ ‏"‏أجعلتنى للّهنداً‏؟‏‏!‏ ما شاء اللّه وحده‏"‏، وقال‏:‏ ‏"‏لا تقولوا‏:‏ ماشاء اللّه وشاء محمد، ولكن قولوا‏:‏ ما شاء اللّه ثم شاء محمد‏"‏‏.‏ ولما قالتالجويرية‏:‏ وفينا رسول اللّه يعلم ما في غَدٍ‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏دعي هذا، قوليبالذي كنت تقولين‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏"‏لا تطروني كماأطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا‏:‏ عبد اللّه ورسوله‏"‏، ولما صفوا خلفهقياما، قال‏:‏ ‏"‏لا تعظموني كما تعظم الأعاجم بعضهم بعضا‏"‏، وقال أنس‏:‏ لم يكنشخص أحب إليهم من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له؛لما يعلمون من كراهته لذلك‏.‏ ولما سجد له معاذ نهاه، وقال‏:‏ ‏"‏إنه لا يصلحالسجود إلا للّه، ولو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها،من عظم حقه عليها‏"‏‏.‏ ولما أتى على بالزنادقة الذين غلوا فيهواعتقدوا فيه الإلهية أمر بتحريقهم بالنار‏.‏فهذا شأن أنبياء اللّه وأوليائه،وإنما يقر على الغلو فيه وتعظيمه بغير حق من يريد علواً في الأرض وفساداً، كفرعونونحوه، ومشائخ الضلال الذين غرضهم العلو في الأرض والفساد، والفتنة بالأنبياءوالصالحين، واتخاذهم أرباباً، والإشراك بهم مما يحصل في مغيبهم وفي مماتهم، كماأشرك بالمسيح وعزير‏.‏
فهذا مما يبين الفرق بين سؤال النبي صلى اللهعليه وسلم في حياته وحضوره، وبين سؤاله في مماته ومغيبه، ولم يكن أحد من سلف الأمةفي عصر الصحابة ولا التابعين ولا تابعى التابعين يتحرون الصلاة والدعاء عند قبورالأنبياء ويسألونهم، ولا يستغيثون بهم، لا في مغيبهم، ولا عند قبورهم، وكذلك العكوف‏.‏

ومن أعظم الشرك أن يستغيث الرجل بميت أو غائب، كما ذكره السائل، ويستغيث به عندالمصائب يقول‏:‏ يا سيدى فلان، كأنه يطلب منه إزالة ضره أو جلب نفعه، وهذا حالالنصارى في المسيح وأمه وأحبارهم ورهبانهم‏.‏ ومعلوم أن خير الخلق وأكرمهم علىاللّه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأعلم الناس بقدره وحقه أصحابه، ولم يكونوايفعلون شيئاً من ذلك؛ لا في مغيبه، ولا بعد مماته‏.‏ وهؤلاء المشركون يضمون إلىالشرك الكذب، فإن الكذب مقرون بالشرك، وقد قال تعالى‏:‏
‏{‏فَاجْتَنِبُواالرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاء لِلَّهِغَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 30‏:‏ 31‏]‏‏.‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏عَدَلت شهادةالزور الإشراك باللّه‏"‏ مرتين، أو ثلاثاً‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَاتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِيالْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏152‏]‏، وقال الخليل عليه السلام ‏:‏ ‏{‏أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَفَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 86‏:‏ 87‏]‏‏.‏

فمن كذبهم أن أحدهم يقول عن شيخه‏:‏ إن المريد إذا كان بالمغرب وشيخه بالمشرقوانكشف غطاؤه رده عليه، وإن الشيخ إن لم يكن كذلك لم يكن شيخاً‏.‏ وقد تغويهمالشياطين، كما تغوى عباد الأصنام كما كان يجرى في العرب في أصناهم، ولعباد الكواكبوطلاسمها من الشرك والسحر، كما يجرى للتتار، والهند، والسودان، وغيرهم من أصنافالمشركين؛ من إغواء الشياطين ومخاطبتهم ونحو ذلك‏.‏ فكثير من هؤلاء قد يجرى له نوعمن ذلك، لا سيما عند سماع المكاء والتصدية؛ فإن الشياطين قد تنزل عليهم، وقد يصيبأحدهم كما يصيب المصروع‏:‏ من الإرغاء، والإزباد، والصياح المنكر، ويكلمه بما لايعقل هو والحاضرون، وأمثال ذلك مما يمكن وقوعه في هؤلاء الضالين‏.‏
خالد براهمه
خالد براهمه
Admin

عدد المساهمات : 558
تاريخ التسجيل : 13/09/2010
العمر : 67

https://doctor-khalid.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى