بحـث
المواضيع الأخيرة
مايو 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
دخول
الطب النبوي- الجزء السادس(2)
وأذا مرضت فهو يشفين :: الفئة الأولى :: العلاج بالقرأن الكريم :: علاج السحر واللبس والمس بالقرأن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
الطب النبوي- الجزء السادس(2)
فصل
في لحوم الطير
قال الله تعالى : "ولحم طير مما يشتهون " [ الواقعة : 21 ] .
وفي مسندالبزار وغيره مرفوعاً " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة ، فتشتهيه ، فيخرمشوياً بين يديك " .
ومنه حلال ، ومنه حرام .فالحرام : ذو المخلب ، كالصقر والبازي والشاهين ، وما يأكل الجيف كالنسر والرخمواللقلق والعقعق والغراب الأبقع والأسود الكبير ، وما نهي عن قتله كالهدهد والصرد، وما أمر بقتله كالحدأة والغراب .
والحلال أصناف كثيرة ،فمنه الدجاج ، ففي الصحيحين : من حديث موسى ، أن النبي صلى الله عليهوسلم أكل لحم الدجاج وهو حار رطب في الأولى ، خفيف على المعدة ، سريع الهضم ، جيدالخلط ، يزيد في الدماغ والمني ، ويصفي الصوت ، ويحسن اللون ، ويقوي العقل ، ويولددماً جيداً ، وهو مائل إلى الرطوبة ، ويقال : إن مداومة أكله تورث النقرس ، ولايثبت ذلك .
ولحم الديك أسخن مزاجاً ،وأقل رطوبة ، والعتيق منه دواء ينفع القولنج والربو والرياح الغليظة إذا طبخ بماءالقرطم والشبث ، وخصيها محمود الغذاء ، سريع الإنهضام ، والفراريج سريعة الهضم ،ملينة للطبع ، والدم المتولد منها دم لطيف جيد .
لحم الدراج : حار يابس فيالثانية ، خفيف لطيف ، سريع الإنهضام مولد للدم المعتدل ، والإكثار منه يحد البصر.
لحم الحجل : يولد الدمالجيد ، سريع الإنهضام .
لحم الإوز : حار يابس ، رديءالغذاء إذا اعتيد وليس بكثير الفضول .
لحم البط : حار رطب ، كثيرالفضول ، عسر الإنهضام ، غير موافق للمعدة .
لحم الحبارى : في السنن من حديث بريه بن عمر بن سفينة ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه قال :أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حبارى .
وهو حار يابس ، عسرالإنهضام ، نافع لأصحاب الرياضة والتعب .
لحم الكركي : يابس خفيف ،وفي حره وبرده خلاف ، يولد دماً سوداوياً ، ويصلح لأصحاب الكد والتعب ، وينبغي أنيترك بعد ذبحه يوماً أو يومين ، ثم يؤكل .
لحم العصافير والقنابر :روى النسائي في سننه : من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من إنسان يقتل عصفوراً فما فوقه بغيرحقه إلا سأله الله عز وجل عنها . قيل : يا رسول الله ! وما حقه ؟ قال : تذبحه فتأكله ، ولا تقطع رأسه وترمي به " .
وفي سننه أيضاً : عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول : " من قتل عصفوراً عبثاً ، عج إلى الله يقول : يا رب إن فلاناً قتلني ،عبثاً ، ولم يقتلني لمنفعة " .
ولحمه حار يابس ، عاقلللطبيعة ، يزيد في الباه ، ومرقه يلين الطبع ، وينفع المفاصل ، وإذا أكلت أدمغتهابالزنجيبل والبصل ، هيجت شهوة الجماع ، وخلطها غير محمود .
لحم الحمام : حار رطب ،وحشيه أقل رطوبة ، وفراخه أرطب خاصية ، وما ربي في الدور وناهضه أخف لحماً ، وأحمدغذاء ، ولحم ذكورها شفاء من الإسترخاء والخدر والسكتة والرعشة ، وكذلك شم رائحةأنفاسها ، وأكل فراخها معين على النساء ، وهو جيد للكلى ، يزيد في الدم ، وقد رويفيها حديث باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن رجلاً شكىإليه الوحدة، فقال : اتخذ زوجاً من الحمام " . وأجود من هذا الحديث أنهصلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتبع حمامة ، فقال : شيطان يتبع شيطانة .
وكان عثمان بن عفان رضيالله عنه في خطبته يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام .
لحم القطا : يابس ، يولدالسوداء ، ويحبس الطبع ، وهو من شر الغذاء ، إلا أنه ينفع من الإستسقاء .
لحم السمانى : حار يابس ،ينفع المفاصل ، ويضر بالكبد الحار ، ودفع مضرته بالخل والكسفرة ، وينبغي أن يجتنبمن لحوم الطير ما كان في الآجام والمواضع العفنة ، ولحوم الطير كلها أسرع انهضاماًمن المواشي ، وأسرعها انهضاماً ، أقلها غذاء ، وهي الرقاب والأجنحة ، وأدمغتهاأحمد من أدمغة المواشي .
الجراد : في الصحيحين : عن عبد الله بن أبي أوفى قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليهوسلم سبع غزوات نأكل الجراد .
وفي المسند عنه : " أحلت لنا ميتتان ودمان : الحوت والجراد ، والكبد والطحال " .يروى مرفوعاً وموقوفاً على ابن عمر رضي الله عنه .
وهو حار يابس ، قليلالغذاء ، وإدامة أكله تورث الهزال ، وإذا تبخر به نفع من تقطير البول وعسره ،وخصوصاً للنساء ، ويتبخر به للبواسير ، وسمانه يشوى ويؤكل للسع العقرب ، وهو ضارلأصحاب الضرع ، رديء الخلط ، وفي إباحة ميتته بلا سبب قولان ، فالجمهور على حله ،وحرمه مالك ، ولا خلاف في إباحة ميتته إذا مات بسبب ، كالكبس والتحريق ونحوه .
فصل
وينبغي ألا يداوم على أكلاللحم ، فإنه يورث الأمراض الدموية والإمتلائية ، والحميات الحادة ، وقال عمر بنالخطاب رضي الله عنه : إياكم واللحم ، فإن له ضراوة كضراوة الخمر ، ذكره مالكفي الموطأ عنه . وقال أبقراط : لا تجعلوا أجوافكم مقبرة للحيوان .
اللبن :
قال الله تعالى : "وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغاللشاربين " [ النحل : 66 ] وقال في الجنة : " فيهاأنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه " [ محمد : 15 ] وفي السنن مرفوعاً : " من أطعمه الله طعاماً فليقل : اللهم بارك لنا فيه ،وارزقنا خيراً منه ، ومن سقاه الله لبناً فليقل : اللهم بارك لنا فيه ، وزدنا منه، فإني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن " .
اللبن : وإن كان بسيطاً فيالحس ، إلا أنه مركب في أصل الخلقة تركيباً طبيعياً من جواهر ثلاثة : الجبنية ،والسمنية ، والمائية ، فالجبنية : باردة رطبة ، مغذية للبدن ، والسمنية : معتدلةالحرارة والرطوبة ملائمة للبدن الإنساني الصحيح ، كثيرة المنافع ، والمائية : حارةرطبة ، مطلقة للطبيعة ، مرطبة للبدن ، واللبن على الإطلاق أبرد وأرطب من المعتدل .
وقيل : قوته عند حلبهالحرارة والرطوبة ، وقيل : معتدل في الحرارة والبرودة .
وأجود ما يكون اللبن حينيحلب ، ثم لا يزال تنقص جودته على ممر الساعات ، فيكون حين يحلب أقل برودة ، وأكثررطوبة ، والحامض بالعكس ، ويختار اللبن بعد الولادة بأربعين يوماً ، وأجوده مااشتد بياضه ، وطاب ريحه ، ولذ طعمه ، وكان فيه حلاوة يسيرة ، ودسومة معتدلة ،واعتدل قوامه في الرقة والغلظ ، وحلب من حيوان فتي صحيح ، معتدل اللحم ، محمودالمرعى والمشرب.
وهو محمود يولد دماً جيداً، ويرطب البدن اليابس ، ويغذو غذاء حسناً ، وينفع من الوسواس والغم والأمراضالسوداوية ، وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة ، وشربه معالسكر يحسن اللون جداً ، والحليب يتدارك ضرر الجماع ، ويوافق الصدر والرئة ، جيدلأصحاب السل ، رديء للرأس والمعدة ، والكبد والطحال ، والإكثار منه مضر بالأسنانواللثة ، ولذلك ينبغي أن يتمضمض بعده بالماء ، وفي الصحيحين : أنالنبي صلى الله عليه وسلم شرب لبناً ، ثم دعا بماء فتمضمض وقال : " إن لهدسماً " . وهو رديء للمحمومين ، وأصحاب الصداع ، مؤذ للدماغ ، والرأس الضعيف، والمداومة عليه تحدث ظلمة البصر والغشاء ، ووجع المفاصل ، وسدة الكبد ، والنفخفي المعدة والأحشاء ، وإصلاحه بالعسل والزنجبيل المربى ونحوه ، وهذا كله لمن لميعتده .
لبن الضأن : أغلظ الألبانوأرطبها ، وفيه من الدسومة والزهومة ما ليس في لبن الماعز والبقر ، يولد فضولاًبلغمياً ، ويحدث في الجلد بياضاً إذا أدمن استعماله ، ولذلك ينبغي أن يشرب هذااللبن بالماء ليكون ما نال البدن منه أقل ، وتسكينه للعطش أسرع ، وتبريده أكثر .
لبن المعز : لطيف معتدل ،مطلق للبطن ، مرطب للبدن اليابس ، نافع من قروح الحلق ، والسعال اليابس ، ونفثالدم .
واللبن المطلق أنفعالمشروبات للبدن الإنساني لما اجتمع فيه من التغذية والدموية ، ولاعتياده حالالطفولية ، وموافقته للفطرة الأصلية ، وفي الصحيحين : "أن رسولالله صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بقدح من خمر ، وقدح من لبن ، فنظرإليهما ، ثم أخذ اللبن ، فقال جبريل : الحمد لله الذي هداك للفطرة ، لو أخذت الخمر، غوت أمتك " . والحامض منه بطيء الإستمراء ، خام الخلط ، والمعدة الحارةتهضمه وتنتفع به .
لبن البقر : يغذو البدن ،ويخصبه ، ويطلق البطن باعتدال ، وهو من أعدل الألبان وأفضلها بين لبن الضأن ، ولبنالمعز في الرقة والغلظ والدسم ، وفي السنن : من حديث عبد الله بنمسعود يرفعه : " عليكم بألبان البقر ، فإنها ترم من كل الشجر " .
لبن الإبل : تقدم ذكره فيأول الفصل ، وذكر منافعه ، فلا حاجة لإعادته .
لبان : هو الكندر :
قد ورد فيه عن النبي صلىالله عليه وسلم : " بخروا بيوتكم باللبان والصعتر " ولا يصح عنه ، ولكنيروى عن علي أنه قال لرجل شكا إليه النسيان : عليك باللبان ، فإنه يشجع القلب ،ويذهب بالنسيان . ويذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن شربه مع السكر على الريقجيد للبول والنسيان . ويذكر عن أنس رضي الله عنه ، أنه شكا إليه رجل النسيان ،فقال : عليك بالكندر وانقعه من الليل ، فإذا أصبحت ، فخذ منه شربة على الريق ،فإنه جيد للنسيان .
ولهذا سبب طبيعي ظاهر ،فإن النسيان إذا كان لسوء مزاج بارد رطب يغلب على الدماغ ، فلا يحفظ ما ينطبع فيه، نفع منه اللبان ، وأما إذا كان النسيان لغلبة شئ عارض ، أمكن زواله سريعاًبالمرطبات . والفرق بينهما أن اليبوسي يتبعه سهر ، وحفظ الأمور الماضية دونالحالية ، والرطوبي بالعكس .
وقد يحدث النسيان أشياءبالخاصية ، كحجامة نقرة القفا ، وإدمان أكل الكسفرة الرطبة ، والتفاح الحامض ،وكثرة الهم والغم ، والنظر في الماء الواقف ، والبول فيه ، والنظر إلى المصلوب ،والإكثار من قراءة ألواح القبور ، والمشي بين جملين مقطورين ، وإلقاء القمل فيالحياض وأكل سؤر الفأر ، وأكثر هذا معروف بالتجربة .
والمقصود : أن اللبان مسخنفي الدرجة الثانية ، ومجفف في الأولى ، وفيه قبض يسير ، وهو كثير المنافع ، قليلالمضار ، فمن منافعه : أن ينفع من قذف الدم ونزفه ، ووجع المعدة ، واستطلاق البطن، ويهضم الطعام ، ويطرد الرياح ، ويجلو قروح العين ، وينبت اللحم في سائر القروح ،ويقوي المعدة الضعيفة ، ويسخنها ، ويجفف البلغم ، وينشف رطوبات الصدر ، ويجلو ظلمةالبصر ، ويمنع القروح الخبيثة من الإنتشار ، وإذا مضغ وحده ، أو مع الصعتر الفارسيجلب البلغم ، ونفع من اعتقال اللسان ، ويزيد في الذهن ويذكيه ، وإن بخر به ماء ،نفع من الوباء ، وطيب رائحة الهواء .
حرف الميم
ماء :
مادة الحياة ، وسيد الشراب، وأحد أركان العالم ، بل ركنه الأصلي ، فإن السماوات خلقت من بخاره ، والأرض منزبده ، وقد جعل الله منه كل شئ حي .
وقد اختلف فيه : هل يغذو ،أو ينفذ الغذاء فقط ؟ على قولين ، وقد تقدما ، وذكرنا القول الراجح ودليله .
وهو بارد رطب ، يقمعالحرارة ، ويحفظ على البدن رطوباته ، ويرد عليه بدل ما تحلل منه ، ويرقق الغذاء ،وينفذه في العروق .
وتعتبر جودة الماء من عشرةطرق :
أحدها : من لونه بأن يكونصافياً .
الثاني : من رائحته بأن لاتكون له رائحة البتة .
الثالث : من طعمه بأن يكونعذب الطعم حلوه ، كماء النيل والفرات .
الرابع : من وزنه بأن يكونخفيفاً رقيق القوام .
الخامس : من مجراه . بأنيكون طيب المجرى والمسلك .
السادس : من منبعه بأنيكون بعيد المنبع .
السابع : من بروزه للشمسوالريح ، بأن لا يكون مختفياً تحت الأرض ، فلا تتمكن الشمس والريح من قصارته .
الثامن : من حركته بأنيكون سريع الجري والحركة .
التاسع : من كثرته بأنيكون له كثرة يدفع الفضلات المخالطة له .
العاشر : من مصبه بأن يكونآخذاً من الشمال إلى الجنوب ، أو من المغرب إلى المشرق .
وإذا اعتبرت هذه الأوصاف ،لم تجدها بكمالها إلا في الأنهار الاربعة : النيل ، والفرات ، وسيحون ، وجيحون .
وفي الصحيحين : من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سيحان ، وجيحان ، والنيل ، والفرات ، كل من أنهار الجنة " .
وتعتبر خفة الماء من ثلاثةأوجه ، أحدها : سرعة قبوله للحر والبرد ، قال أبقراط : الماء الذي يسخن سريعاً ،ويبرد سريعاً أخف المياه . الثاني : بالميزان ، الثالث : أن تبل قطنتان متساويتاالوزن بماءين مختلفين ، ثم يجففا بالغاً ، ثم توزنا ، فأيتهما كانت أخف ، فماؤهاكذلك .
والماء وإن كان في الأصلبارداً رطباً ، فإن قوته تنتقل وتتغير لأسباب عارضة توجب انتقالها ، فإن الماءالمكشوف للشمال المستور عن الجهات الأخر يكون بارداً ، وفيه يبس مكتسب من ريحالشمال ، وكذلك الحكم على سائر الجهات الأخر .
والماء الذي ينبع منالمعادن يكون على طبيعة ذلك المعدن ، ويؤثر في البدن تأثيره ، والماء العذب نافعللمرضى والأصحاء ، والبارد منه أنفع وألذ ، ولا ينبغي شربه على الريق ، ولا عقيبالجماع ، ولا الإنتباه من النوم ، ولا عقيب الحمام ، ولا عقيب أكل الفاكهة ، وقدتقدم . وأما على الطعام ، فلا بأس به إذا اضطر إليه ، بل يتعين ولا يكثر منه ، بليتمصصه مصاً ، فإنه لا يضره البتة ، بل يقوي المعدة ، وينهض الشهوة ، ويزيل العطش.
والماء الفاتر ينفخ ويفعلضد ما ذكرناه ، وبائته أجود من طريه وقد تقدم . والبارد ينفع من داخل أكثر من نفعهمن خارج ، والحار بالعكس ، وينفع البارد من عفونة الدم ، وصعود الأبخرة إلى الرأس، ويدفع العفونات ، ويوافق الأمزجة والأسنان والأزمان والأماكن الحارة ، ويضر علىكل حالة تحتاج إلى نضج وتحليل ، كالزكام والأورام ، والشديد البرودة منه يؤذيالأسنان ، والإدمان عليه يحدث انفجار الدم والنزلات ، وأوجاع الصدر .
والبارد والحار بإفراطضاران للعصب ولأكثر الأعضاء ، لأن أحدهما محلل ، والآخر مكثف ، والماء الحار يسكنلذع الأخلاط الحادة ، ويحلل وينضج ، ويخرج الفضول ، ويرطب ويسخن ، ويفسد الهضمشربه ، ويطفو بالطعام إلى أعلى المعدة ويرخيها ، ولا يسرع في تسكين العطش ، ويذبلالبدن ، ويؤدي إلى أمراض رديئة ، ويضر في أكثر الأمراض على أنه صالح للشيوخ ،وأصحاب الصرع ، والصداع البارد ، والرمد . وأنفع ما استعمل من خارج .
ولا يصح في الماء المسخنبالشمس حديث ولا أثر ، ولا كرهه أحد من قدماء الأطباء ، ولا عابوه ، والشديدالسخونة يذيب شحم الكلى ، وقد تقدم الكلام على ماء الأمطار في حرف العين .
ماء الثلج والبرد : ثبتفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في الإستفتاحوغيره : " اللهم اغسلني من خطاياي بماء الثلج والبرد " .
الثلج له في نفسه كيفيةحادة دخانية ، فماؤه كذلك ، وقد تقدم وجه الحكمة في طلب الغسل من الخطايا بمائهلما يحتاج إليه القلب من التبريد والتصليب والتقوية ، ويستفاد من هذا أصل طبالأبدان والقلوب ، ومعالجة أدوائها بضدها .
وماء البرد ألطف وألذ منماء الثلج ، وأما ماء الجمد وهو الجليد ، فبحسب أصله .
والثلج يكتسب كيفية الجبالوالأرض التي يسقط عليها في الجودة والرداءة ، وينبغي تجنب شرب الماء المثلوج عقيبالحمام والجماع ، والرياضة والطعام الحار ، ولأصحاب السعال ، ووجع الصدر ، وضعفالكبد ، وأصحاب الأمزجة الباردة .
ماء الآبار والقني : مياهالآبار قليلة اللطافة ، وماء القني المدفونة تحت الأرض ثقيل ، لأن أحدهما محتقن لايخلو عن تعفن ، والآخر محجوب عن الهواء ، وينبغي ألا يشرب على الفور حتى يصمدللهواء ، وتأتي عليه ليلة ، وأردؤه ما كانت مجاريه من رصاص ، أو كانت بئره معطلة ،ولا سيما إذا كانت تربتها رديئة ، فهذا الماء وبيء وخيم .
ماء زمزم :
سيد المياه وأشرفها وأجلهاقدراً ، وأحبها إلى النفوس وأغلاها ثمناً ، وأنفسها عند الناس ، وهو هزمة جبريلوسقيا الله إسماعيل .
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال لأبي ذر وقد أقام بين الكعبةوأستارها أربعين ما بين يوم وليلة ، ليس له طعام غيره ، فقال النبيصلى الله عليه وسلم : " إنها طعام طعم " . وزاد غير مسلم بإسناده :"وشفاء سقم" .
وفي سنن ابنماجه . من حديث جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :" ماء زمزم لما شرب له " . وقد ضعف هذا الحديث طائفة بعبد الله بنالمؤمل راويه عن محمد بن المنكدر . وقد روينا عن عبد الله بن المبارك ، أنه لما حج، أتى زمزم ، فقال : اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر ، عن جابررضي الله عنه ، عن نبيك صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ماء زمزم لما شرب له" ، وإني أشربه لظمإ يوم القيامة ، وابن أبي الموالي ثقة ، فالحديث إذاً حسن، وقد صححه بعضهم ، وجعله بعضهم موضوعاً ، وكلا القولين فيه مجازفة .
وقد جربت أنا وغيري منالإستثسفاء بماء زمزم أموراً عجيبة ، واستشفيت به من عدة أمراض ، فبرأت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر ، أو أكثر ، ولا يجدجوعاً ، ويطوف مع الناس كأحدهم ، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوماً ، وكانله قوة يجامع بها أهله ، ويصوم ويطوف مراراً .
ماء النيل : أحد أنهارالجنة ، أصله من وراء جبال القمر في أقصى بلاد الحبشة من أمطار تجتمع هناك ، وسيوليمد بعضها بعضاً ، فيسوقه الله تعالى إلى الأرض الجرز التي لا نبات لها ،فيخرج به زرعاً ، تأكل منه الأنعام والأنام ، ولما كانت الأرض التي يسوقه إليهاإبليزاً صلبة ، إن أمطرت مطر العادة ، لم ترو ، ولم تتهيأ للنبات ، وإن أمطرت فوقالعادة ضرت المساكن والساكن ، وعطلت المعايش والمصالح ، فأمطر البلاد البعيدة ، ثمساق تلك الأمطار إلى هذه الأرض في نهر عظيم ، وجعل سبحانه زيادته في أوقات معلومةعلى قدر ري البلاد وكفايتها ، فإذا أروى البلاد وعمها ، أذن سبحانه بتناقصه وهبوطهلتتم المصلحة بالتمكن من الزرع ، واجتمع في هذا الماء الأمور العشرة التي تقدمذكرها ، وكان من ألطف المياه وأخفها وأعذبها وأحلاها .
ماء البحر : ثبت عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " .وقد جعله الله سبحانه ملحاً أجاجاً مراً زعاقاً لتمام مصالح من هو على وجه الأرضمن الآدميين والبهائم ، فإنه دائم راكد كثير الحيوان ، وهو يموت فيه كثيراً ولايقبر ، فلو كان حلواً لأنتن من إقامته وموت حيواناته فيه وأجاف ، وكان الهواءالمحيط بالعالم يكتسب منه ذلك ، وينتن ويجيف ، فيفسد العالم ، فاقتضت حكمة الربسبحانه وتعالى أن جعله كالملاحة التي لو ألقي فيه جيف العالم كلها وأنتانه وأمواتهلم تغيره شيئاً ، ولا يتغير على مكثه من حين خلق ، والى أن يطوي الله العالم ،فهذا هو السبب الغائي الموجب لملوحته ، وأما الفاعلي ، فكون أرضه سبخة مالحة .
وبعد فالإغتسال به نافع منآفات عديدة في ظاهر الجلد ، وشربه مضر بداخله وخارجه ، فإنه يطلق البطن ، ويهزل ،ويحدث حكة وجرباً ، ونفخاً وعطشاً ، ومن اضطر إلى شربه فله طرق من العلاج يدفع بهامضرته .
منها : أن يجعل في قدر ،ويجعل فوق القدر قصبات وعليها صوف جديد منفوش ، ويوقد تحت القدر حتى يرتفع بخارهاإلى الصوف ، فإذا كثر عصره ، ولا يزال يفعل ذلك حتى يجتمع له ما يريد ، فيحصل فيالصوف من البخار ما عذب ، ويبقى في القدر الزعاق .
ومنها : أن يحفر على شاطئهحفرة واسعة يرشح ماؤه إليها ، ثم إلى جانبها قريباً منها أخرى ترشح هي إليها ، ثمثالثة إلى أن يعذب الماء . وإذا ألجأته الضرورة إلى شرب الماء الكدر ، فعلاجه أنيلقي فيه نوى المشمش ، أو قطعة من خشب الساج ، أو جمرا ملتهبا يطفأ فيه ، أو طيناًأرمنياً ، أو سويق حنطة ، فإن كدرته ترسب إلى أسفل .
في لحوم الطير
قال الله تعالى : "ولحم طير مما يشتهون " [ الواقعة : 21 ] .
وفي مسندالبزار وغيره مرفوعاً " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة ، فتشتهيه ، فيخرمشوياً بين يديك " .
ومنه حلال ، ومنه حرام .فالحرام : ذو المخلب ، كالصقر والبازي والشاهين ، وما يأكل الجيف كالنسر والرخمواللقلق والعقعق والغراب الأبقع والأسود الكبير ، وما نهي عن قتله كالهدهد والصرد، وما أمر بقتله كالحدأة والغراب .
والحلال أصناف كثيرة ،فمنه الدجاج ، ففي الصحيحين : من حديث موسى ، أن النبي صلى الله عليهوسلم أكل لحم الدجاج وهو حار رطب في الأولى ، خفيف على المعدة ، سريع الهضم ، جيدالخلط ، يزيد في الدماغ والمني ، ويصفي الصوت ، ويحسن اللون ، ويقوي العقل ، ويولددماً جيداً ، وهو مائل إلى الرطوبة ، ويقال : إن مداومة أكله تورث النقرس ، ولايثبت ذلك .
ولحم الديك أسخن مزاجاً ،وأقل رطوبة ، والعتيق منه دواء ينفع القولنج والربو والرياح الغليظة إذا طبخ بماءالقرطم والشبث ، وخصيها محمود الغذاء ، سريع الإنهضام ، والفراريج سريعة الهضم ،ملينة للطبع ، والدم المتولد منها دم لطيف جيد .
لحم الدراج : حار يابس فيالثانية ، خفيف لطيف ، سريع الإنهضام مولد للدم المعتدل ، والإكثار منه يحد البصر.
لحم الحجل : يولد الدمالجيد ، سريع الإنهضام .
لحم الإوز : حار يابس ، رديءالغذاء إذا اعتيد وليس بكثير الفضول .
لحم البط : حار رطب ، كثيرالفضول ، عسر الإنهضام ، غير موافق للمعدة .
لحم الحبارى : في السنن من حديث بريه بن عمر بن سفينة ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه قال :أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حبارى .
وهو حار يابس ، عسرالإنهضام ، نافع لأصحاب الرياضة والتعب .
لحم الكركي : يابس خفيف ،وفي حره وبرده خلاف ، يولد دماً سوداوياً ، ويصلح لأصحاب الكد والتعب ، وينبغي أنيترك بعد ذبحه يوماً أو يومين ، ثم يؤكل .
لحم العصافير والقنابر :روى النسائي في سننه : من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من إنسان يقتل عصفوراً فما فوقه بغيرحقه إلا سأله الله عز وجل عنها . قيل : يا رسول الله ! وما حقه ؟ قال : تذبحه فتأكله ، ولا تقطع رأسه وترمي به " .
وفي سننه أيضاً : عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول : " من قتل عصفوراً عبثاً ، عج إلى الله يقول : يا رب إن فلاناً قتلني ،عبثاً ، ولم يقتلني لمنفعة " .
ولحمه حار يابس ، عاقلللطبيعة ، يزيد في الباه ، ومرقه يلين الطبع ، وينفع المفاصل ، وإذا أكلت أدمغتهابالزنجيبل والبصل ، هيجت شهوة الجماع ، وخلطها غير محمود .
لحم الحمام : حار رطب ،وحشيه أقل رطوبة ، وفراخه أرطب خاصية ، وما ربي في الدور وناهضه أخف لحماً ، وأحمدغذاء ، ولحم ذكورها شفاء من الإسترخاء والخدر والسكتة والرعشة ، وكذلك شم رائحةأنفاسها ، وأكل فراخها معين على النساء ، وهو جيد للكلى ، يزيد في الدم ، وقد رويفيها حديث باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن رجلاً شكىإليه الوحدة، فقال : اتخذ زوجاً من الحمام " . وأجود من هذا الحديث أنهصلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتبع حمامة ، فقال : شيطان يتبع شيطانة .
وكان عثمان بن عفان رضيالله عنه في خطبته يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام .
لحم القطا : يابس ، يولدالسوداء ، ويحبس الطبع ، وهو من شر الغذاء ، إلا أنه ينفع من الإستسقاء .
لحم السمانى : حار يابس ،ينفع المفاصل ، ويضر بالكبد الحار ، ودفع مضرته بالخل والكسفرة ، وينبغي أن يجتنبمن لحوم الطير ما كان في الآجام والمواضع العفنة ، ولحوم الطير كلها أسرع انهضاماًمن المواشي ، وأسرعها انهضاماً ، أقلها غذاء ، وهي الرقاب والأجنحة ، وأدمغتهاأحمد من أدمغة المواشي .
الجراد : في الصحيحين : عن عبد الله بن أبي أوفى قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليهوسلم سبع غزوات نأكل الجراد .
وفي المسند عنه : " أحلت لنا ميتتان ودمان : الحوت والجراد ، والكبد والطحال " .يروى مرفوعاً وموقوفاً على ابن عمر رضي الله عنه .
وهو حار يابس ، قليلالغذاء ، وإدامة أكله تورث الهزال ، وإذا تبخر به نفع من تقطير البول وعسره ،وخصوصاً للنساء ، ويتبخر به للبواسير ، وسمانه يشوى ويؤكل للسع العقرب ، وهو ضارلأصحاب الضرع ، رديء الخلط ، وفي إباحة ميتته بلا سبب قولان ، فالجمهور على حله ،وحرمه مالك ، ولا خلاف في إباحة ميتته إذا مات بسبب ، كالكبس والتحريق ونحوه .
فصل
وينبغي ألا يداوم على أكلاللحم ، فإنه يورث الأمراض الدموية والإمتلائية ، والحميات الحادة ، وقال عمر بنالخطاب رضي الله عنه : إياكم واللحم ، فإن له ضراوة كضراوة الخمر ، ذكره مالكفي الموطأ عنه . وقال أبقراط : لا تجعلوا أجوافكم مقبرة للحيوان .
اللبن :
قال الله تعالى : "وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغاللشاربين " [ النحل : 66 ] وقال في الجنة : " فيهاأنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه " [ محمد : 15 ] وفي السنن مرفوعاً : " من أطعمه الله طعاماً فليقل : اللهم بارك لنا فيه ،وارزقنا خيراً منه ، ومن سقاه الله لبناً فليقل : اللهم بارك لنا فيه ، وزدنا منه، فإني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن " .
اللبن : وإن كان بسيطاً فيالحس ، إلا أنه مركب في أصل الخلقة تركيباً طبيعياً من جواهر ثلاثة : الجبنية ،والسمنية ، والمائية ، فالجبنية : باردة رطبة ، مغذية للبدن ، والسمنية : معتدلةالحرارة والرطوبة ملائمة للبدن الإنساني الصحيح ، كثيرة المنافع ، والمائية : حارةرطبة ، مطلقة للطبيعة ، مرطبة للبدن ، واللبن على الإطلاق أبرد وأرطب من المعتدل .
وقيل : قوته عند حلبهالحرارة والرطوبة ، وقيل : معتدل في الحرارة والبرودة .
وأجود ما يكون اللبن حينيحلب ، ثم لا يزال تنقص جودته على ممر الساعات ، فيكون حين يحلب أقل برودة ، وأكثررطوبة ، والحامض بالعكس ، ويختار اللبن بعد الولادة بأربعين يوماً ، وأجوده مااشتد بياضه ، وطاب ريحه ، ولذ طعمه ، وكان فيه حلاوة يسيرة ، ودسومة معتدلة ،واعتدل قوامه في الرقة والغلظ ، وحلب من حيوان فتي صحيح ، معتدل اللحم ، محمودالمرعى والمشرب.
وهو محمود يولد دماً جيداً، ويرطب البدن اليابس ، ويغذو غذاء حسناً ، وينفع من الوسواس والغم والأمراضالسوداوية ، وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة ، وشربه معالسكر يحسن اللون جداً ، والحليب يتدارك ضرر الجماع ، ويوافق الصدر والرئة ، جيدلأصحاب السل ، رديء للرأس والمعدة ، والكبد والطحال ، والإكثار منه مضر بالأسنانواللثة ، ولذلك ينبغي أن يتمضمض بعده بالماء ، وفي الصحيحين : أنالنبي صلى الله عليه وسلم شرب لبناً ، ثم دعا بماء فتمضمض وقال : " إن لهدسماً " . وهو رديء للمحمومين ، وأصحاب الصداع ، مؤذ للدماغ ، والرأس الضعيف، والمداومة عليه تحدث ظلمة البصر والغشاء ، ووجع المفاصل ، وسدة الكبد ، والنفخفي المعدة والأحشاء ، وإصلاحه بالعسل والزنجبيل المربى ونحوه ، وهذا كله لمن لميعتده .
لبن الضأن : أغلظ الألبانوأرطبها ، وفيه من الدسومة والزهومة ما ليس في لبن الماعز والبقر ، يولد فضولاًبلغمياً ، ويحدث في الجلد بياضاً إذا أدمن استعماله ، ولذلك ينبغي أن يشرب هذااللبن بالماء ليكون ما نال البدن منه أقل ، وتسكينه للعطش أسرع ، وتبريده أكثر .
لبن المعز : لطيف معتدل ،مطلق للبطن ، مرطب للبدن اليابس ، نافع من قروح الحلق ، والسعال اليابس ، ونفثالدم .
واللبن المطلق أنفعالمشروبات للبدن الإنساني لما اجتمع فيه من التغذية والدموية ، ولاعتياده حالالطفولية ، وموافقته للفطرة الأصلية ، وفي الصحيحين : "أن رسولالله صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بقدح من خمر ، وقدح من لبن ، فنظرإليهما ، ثم أخذ اللبن ، فقال جبريل : الحمد لله الذي هداك للفطرة ، لو أخذت الخمر، غوت أمتك " . والحامض منه بطيء الإستمراء ، خام الخلط ، والمعدة الحارةتهضمه وتنتفع به .
لبن البقر : يغذو البدن ،ويخصبه ، ويطلق البطن باعتدال ، وهو من أعدل الألبان وأفضلها بين لبن الضأن ، ولبنالمعز في الرقة والغلظ والدسم ، وفي السنن : من حديث عبد الله بنمسعود يرفعه : " عليكم بألبان البقر ، فإنها ترم من كل الشجر " .
لبن الإبل : تقدم ذكره فيأول الفصل ، وذكر منافعه ، فلا حاجة لإعادته .
لبان : هو الكندر :
قد ورد فيه عن النبي صلىالله عليه وسلم : " بخروا بيوتكم باللبان والصعتر " ولا يصح عنه ، ولكنيروى عن علي أنه قال لرجل شكا إليه النسيان : عليك باللبان ، فإنه يشجع القلب ،ويذهب بالنسيان . ويذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن شربه مع السكر على الريقجيد للبول والنسيان . ويذكر عن أنس رضي الله عنه ، أنه شكا إليه رجل النسيان ،فقال : عليك بالكندر وانقعه من الليل ، فإذا أصبحت ، فخذ منه شربة على الريق ،فإنه جيد للنسيان .
ولهذا سبب طبيعي ظاهر ،فإن النسيان إذا كان لسوء مزاج بارد رطب يغلب على الدماغ ، فلا يحفظ ما ينطبع فيه، نفع منه اللبان ، وأما إذا كان النسيان لغلبة شئ عارض ، أمكن زواله سريعاًبالمرطبات . والفرق بينهما أن اليبوسي يتبعه سهر ، وحفظ الأمور الماضية دونالحالية ، والرطوبي بالعكس .
وقد يحدث النسيان أشياءبالخاصية ، كحجامة نقرة القفا ، وإدمان أكل الكسفرة الرطبة ، والتفاح الحامض ،وكثرة الهم والغم ، والنظر في الماء الواقف ، والبول فيه ، والنظر إلى المصلوب ،والإكثار من قراءة ألواح القبور ، والمشي بين جملين مقطورين ، وإلقاء القمل فيالحياض وأكل سؤر الفأر ، وأكثر هذا معروف بالتجربة .
والمقصود : أن اللبان مسخنفي الدرجة الثانية ، ومجفف في الأولى ، وفيه قبض يسير ، وهو كثير المنافع ، قليلالمضار ، فمن منافعه : أن ينفع من قذف الدم ونزفه ، ووجع المعدة ، واستطلاق البطن، ويهضم الطعام ، ويطرد الرياح ، ويجلو قروح العين ، وينبت اللحم في سائر القروح ،ويقوي المعدة الضعيفة ، ويسخنها ، ويجفف البلغم ، وينشف رطوبات الصدر ، ويجلو ظلمةالبصر ، ويمنع القروح الخبيثة من الإنتشار ، وإذا مضغ وحده ، أو مع الصعتر الفارسيجلب البلغم ، ونفع من اعتقال اللسان ، ويزيد في الذهن ويذكيه ، وإن بخر به ماء ،نفع من الوباء ، وطيب رائحة الهواء .
حرف الميم
ماء :
مادة الحياة ، وسيد الشراب، وأحد أركان العالم ، بل ركنه الأصلي ، فإن السماوات خلقت من بخاره ، والأرض منزبده ، وقد جعل الله منه كل شئ حي .
وقد اختلف فيه : هل يغذو ،أو ينفذ الغذاء فقط ؟ على قولين ، وقد تقدما ، وذكرنا القول الراجح ودليله .
وهو بارد رطب ، يقمعالحرارة ، ويحفظ على البدن رطوباته ، ويرد عليه بدل ما تحلل منه ، ويرقق الغذاء ،وينفذه في العروق .
وتعتبر جودة الماء من عشرةطرق :
أحدها : من لونه بأن يكونصافياً .
الثاني : من رائحته بأن لاتكون له رائحة البتة .
الثالث : من طعمه بأن يكونعذب الطعم حلوه ، كماء النيل والفرات .
الرابع : من وزنه بأن يكونخفيفاً رقيق القوام .
الخامس : من مجراه . بأنيكون طيب المجرى والمسلك .
السادس : من منبعه بأنيكون بعيد المنبع .
السابع : من بروزه للشمسوالريح ، بأن لا يكون مختفياً تحت الأرض ، فلا تتمكن الشمس والريح من قصارته .
الثامن : من حركته بأنيكون سريع الجري والحركة .
التاسع : من كثرته بأنيكون له كثرة يدفع الفضلات المخالطة له .
العاشر : من مصبه بأن يكونآخذاً من الشمال إلى الجنوب ، أو من المغرب إلى المشرق .
وإذا اعتبرت هذه الأوصاف ،لم تجدها بكمالها إلا في الأنهار الاربعة : النيل ، والفرات ، وسيحون ، وجيحون .
وفي الصحيحين : من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سيحان ، وجيحان ، والنيل ، والفرات ، كل من أنهار الجنة " .
وتعتبر خفة الماء من ثلاثةأوجه ، أحدها : سرعة قبوله للحر والبرد ، قال أبقراط : الماء الذي يسخن سريعاً ،ويبرد سريعاً أخف المياه . الثاني : بالميزان ، الثالث : أن تبل قطنتان متساويتاالوزن بماءين مختلفين ، ثم يجففا بالغاً ، ثم توزنا ، فأيتهما كانت أخف ، فماؤهاكذلك .
والماء وإن كان في الأصلبارداً رطباً ، فإن قوته تنتقل وتتغير لأسباب عارضة توجب انتقالها ، فإن الماءالمكشوف للشمال المستور عن الجهات الأخر يكون بارداً ، وفيه يبس مكتسب من ريحالشمال ، وكذلك الحكم على سائر الجهات الأخر .
والماء الذي ينبع منالمعادن يكون على طبيعة ذلك المعدن ، ويؤثر في البدن تأثيره ، والماء العذب نافعللمرضى والأصحاء ، والبارد منه أنفع وألذ ، ولا ينبغي شربه على الريق ، ولا عقيبالجماع ، ولا الإنتباه من النوم ، ولا عقيب الحمام ، ولا عقيب أكل الفاكهة ، وقدتقدم . وأما على الطعام ، فلا بأس به إذا اضطر إليه ، بل يتعين ولا يكثر منه ، بليتمصصه مصاً ، فإنه لا يضره البتة ، بل يقوي المعدة ، وينهض الشهوة ، ويزيل العطش.
والماء الفاتر ينفخ ويفعلضد ما ذكرناه ، وبائته أجود من طريه وقد تقدم . والبارد ينفع من داخل أكثر من نفعهمن خارج ، والحار بالعكس ، وينفع البارد من عفونة الدم ، وصعود الأبخرة إلى الرأس، ويدفع العفونات ، ويوافق الأمزجة والأسنان والأزمان والأماكن الحارة ، ويضر علىكل حالة تحتاج إلى نضج وتحليل ، كالزكام والأورام ، والشديد البرودة منه يؤذيالأسنان ، والإدمان عليه يحدث انفجار الدم والنزلات ، وأوجاع الصدر .
والبارد والحار بإفراطضاران للعصب ولأكثر الأعضاء ، لأن أحدهما محلل ، والآخر مكثف ، والماء الحار يسكنلذع الأخلاط الحادة ، ويحلل وينضج ، ويخرج الفضول ، ويرطب ويسخن ، ويفسد الهضمشربه ، ويطفو بالطعام إلى أعلى المعدة ويرخيها ، ولا يسرع في تسكين العطش ، ويذبلالبدن ، ويؤدي إلى أمراض رديئة ، ويضر في أكثر الأمراض على أنه صالح للشيوخ ،وأصحاب الصرع ، والصداع البارد ، والرمد . وأنفع ما استعمل من خارج .
ولا يصح في الماء المسخنبالشمس حديث ولا أثر ، ولا كرهه أحد من قدماء الأطباء ، ولا عابوه ، والشديدالسخونة يذيب شحم الكلى ، وقد تقدم الكلام على ماء الأمطار في حرف العين .
ماء الثلج والبرد : ثبتفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في الإستفتاحوغيره : " اللهم اغسلني من خطاياي بماء الثلج والبرد " .
الثلج له في نفسه كيفيةحادة دخانية ، فماؤه كذلك ، وقد تقدم وجه الحكمة في طلب الغسل من الخطايا بمائهلما يحتاج إليه القلب من التبريد والتصليب والتقوية ، ويستفاد من هذا أصل طبالأبدان والقلوب ، ومعالجة أدوائها بضدها .
وماء البرد ألطف وألذ منماء الثلج ، وأما ماء الجمد وهو الجليد ، فبحسب أصله .
والثلج يكتسب كيفية الجبالوالأرض التي يسقط عليها في الجودة والرداءة ، وينبغي تجنب شرب الماء المثلوج عقيبالحمام والجماع ، والرياضة والطعام الحار ، ولأصحاب السعال ، ووجع الصدر ، وضعفالكبد ، وأصحاب الأمزجة الباردة .
ماء الآبار والقني : مياهالآبار قليلة اللطافة ، وماء القني المدفونة تحت الأرض ثقيل ، لأن أحدهما محتقن لايخلو عن تعفن ، والآخر محجوب عن الهواء ، وينبغي ألا يشرب على الفور حتى يصمدللهواء ، وتأتي عليه ليلة ، وأردؤه ما كانت مجاريه من رصاص ، أو كانت بئره معطلة ،ولا سيما إذا كانت تربتها رديئة ، فهذا الماء وبيء وخيم .
ماء زمزم :
سيد المياه وأشرفها وأجلهاقدراً ، وأحبها إلى النفوس وأغلاها ثمناً ، وأنفسها عند الناس ، وهو هزمة جبريلوسقيا الله إسماعيل .
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال لأبي ذر وقد أقام بين الكعبةوأستارها أربعين ما بين يوم وليلة ، ليس له طعام غيره ، فقال النبيصلى الله عليه وسلم : " إنها طعام طعم " . وزاد غير مسلم بإسناده :"وشفاء سقم" .
وفي سنن ابنماجه . من حديث جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :" ماء زمزم لما شرب له " . وقد ضعف هذا الحديث طائفة بعبد الله بنالمؤمل راويه عن محمد بن المنكدر . وقد روينا عن عبد الله بن المبارك ، أنه لما حج، أتى زمزم ، فقال : اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر ، عن جابررضي الله عنه ، عن نبيك صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ماء زمزم لما شرب له" ، وإني أشربه لظمإ يوم القيامة ، وابن أبي الموالي ثقة ، فالحديث إذاً حسن، وقد صححه بعضهم ، وجعله بعضهم موضوعاً ، وكلا القولين فيه مجازفة .
وقد جربت أنا وغيري منالإستثسفاء بماء زمزم أموراً عجيبة ، واستشفيت به من عدة أمراض ، فبرأت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر ، أو أكثر ، ولا يجدجوعاً ، ويطوف مع الناس كأحدهم ، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوماً ، وكانله قوة يجامع بها أهله ، ويصوم ويطوف مراراً .
ماء النيل : أحد أنهارالجنة ، أصله من وراء جبال القمر في أقصى بلاد الحبشة من أمطار تجتمع هناك ، وسيوليمد بعضها بعضاً ، فيسوقه الله تعالى إلى الأرض الجرز التي لا نبات لها ،فيخرج به زرعاً ، تأكل منه الأنعام والأنام ، ولما كانت الأرض التي يسوقه إليهاإبليزاً صلبة ، إن أمطرت مطر العادة ، لم ترو ، ولم تتهيأ للنبات ، وإن أمطرت فوقالعادة ضرت المساكن والساكن ، وعطلت المعايش والمصالح ، فأمطر البلاد البعيدة ، ثمساق تلك الأمطار إلى هذه الأرض في نهر عظيم ، وجعل سبحانه زيادته في أوقات معلومةعلى قدر ري البلاد وكفايتها ، فإذا أروى البلاد وعمها ، أذن سبحانه بتناقصه وهبوطهلتتم المصلحة بالتمكن من الزرع ، واجتمع في هذا الماء الأمور العشرة التي تقدمذكرها ، وكان من ألطف المياه وأخفها وأعذبها وأحلاها .
ماء البحر : ثبت عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " .وقد جعله الله سبحانه ملحاً أجاجاً مراً زعاقاً لتمام مصالح من هو على وجه الأرضمن الآدميين والبهائم ، فإنه دائم راكد كثير الحيوان ، وهو يموت فيه كثيراً ولايقبر ، فلو كان حلواً لأنتن من إقامته وموت حيواناته فيه وأجاف ، وكان الهواءالمحيط بالعالم يكتسب منه ذلك ، وينتن ويجيف ، فيفسد العالم ، فاقتضت حكمة الربسبحانه وتعالى أن جعله كالملاحة التي لو ألقي فيه جيف العالم كلها وأنتانه وأمواتهلم تغيره شيئاً ، ولا يتغير على مكثه من حين خلق ، والى أن يطوي الله العالم ،فهذا هو السبب الغائي الموجب لملوحته ، وأما الفاعلي ، فكون أرضه سبخة مالحة .
وبعد فالإغتسال به نافع منآفات عديدة في ظاهر الجلد ، وشربه مضر بداخله وخارجه ، فإنه يطلق البطن ، ويهزل ،ويحدث حكة وجرباً ، ونفخاً وعطشاً ، ومن اضطر إلى شربه فله طرق من العلاج يدفع بهامضرته .
منها : أن يجعل في قدر ،ويجعل فوق القدر قصبات وعليها صوف جديد منفوش ، ويوقد تحت القدر حتى يرتفع بخارهاإلى الصوف ، فإذا كثر عصره ، ولا يزال يفعل ذلك حتى يجتمع له ما يريد ، فيحصل فيالصوف من البخار ما عذب ، ويبقى في القدر الزعاق .
ومنها : أن يحفر على شاطئهحفرة واسعة يرشح ماؤه إليها ، ثم إلى جانبها قريباً منها أخرى ترشح هي إليها ، ثمثالثة إلى أن يعذب الماء . وإذا ألجأته الضرورة إلى شرب الماء الكدر ، فعلاجه أنيلقي فيه نوى المشمش ، أو قطعة من خشب الساج ، أو جمرا ملتهبا يطفأ فيه ، أو طيناًأرمنياً ، أو سويق حنطة ، فإن كدرته ترسب إلى أسفل .
وأذا مرضت فهو يشفين :: الفئة الأولى :: العلاج بالقرأن الكريم :: علاج السحر واللبس والمس بالقرأن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين مارس 16, 2015 7:49 pm من طرف خالد براهمه
» علاج السرطان بالأعشاب خلال اربعة اسابيع
الإثنين مارس 16, 2015 7:35 pm من طرف خالد براهمه
» الفستق مقوى جنسي نسبة 51%
الخميس نوفمبر 28, 2013 7:37 pm من طرف خالد براهمه
» اسماء الأعشاب
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:35 am من طرف حسين العنوز
» آيات الشفاء في القرآن
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:30 am من طرف حسين العنوز
» اضطرابات الغدة الدرقية وعلاجها
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:29 am من طرف حسين العنوز
» رقية للعقـم والإســـقاط
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:28 am من طرف حسين العنوز
» مرضى السكري
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز
» اظفـــــــار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز