بحـث
المواضيع الأخيرة
مايو 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
دخول
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (4)
وأذا مرضت فهو يشفين :: الفئة الأولى :: العلاج بالقرأن الكريم :: علاج السحر واللبس والمس بالقرأن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (4)
الحادي عشر : الإستغفار .
الثاني عشر : التوبة .
الثالث عشر : الجهاد .
الرابع عشر : الصلاة .
الخامس عشر : البراءة من الحول والقوةوتفويضهما إلى من هما بيده .
فصل
في بيان جهة تأثير هذه الأدوية في هذهالأمراض
خلق الله - سبحانه - ابن آدم وأعضاءه، وجعل لكل عضو منها كمالاً إذا فقده أحس بالألم ، وجعل لملكها وهو القلب كمالاً ،إذا فقده ، حضرته أسقامه وآلامه من الهموم والغموم والأحزان .
فإذا فقدت العين ما خلقت له من قوةالإبصار ، وفقدت الأذن ما خلقت له من قوة السمع ، واللسان ما خلق له من قوة الكلام، فقدت كمالها .
والقلب : خلق لمعرفة فاطره ومحبتهوتوحيده والسرور به ، والإبتهاج بحبه ، والرضى عنه ، والتوكل عليه ، والحب فيه ،والبغض فيه ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه ، ودوام ذكره ، وأن يكون أحب إليه منكل ما سواه ، وارجي عنده من كل ما سواه ، وأجل في قلبه من كل ما سواه ، ولا نعيمله ولا سرور ولا لذة ، بل ولا حياة إلا بذلك ، وهذا له بمنزلة الغذاء والصحةوالحياة ، فإذا فقد غذاءه وصحته وحياته ، فالهموم والغموم والأحزان مسارعة من كلصوب إليه ، ورهن مقيم عليه .
ومن أعظم أدوائه : الشرك والذنوبوالغفلة والإستهانة بمحابه ومراضيه ، وترك التفويض إليه ، وقلة الإعتماد عليه ،والركون إلى ما سواه ، والسخط بمقدوره ، والشك في وعده ووعيده .
وإذا تأملت أمراض القلب ، وجدت هذهالأمور وأمثالها هي أسبابها لا سبب لها سواها ، فدواؤه الذي لا دواء له سواه ما تضمنتههذه العلاجات النبوية من الأمور المضادة لهذه الأدواء ، فإن المرض يزال بالضد ،والصحة تحفظ بالمثل ، فصحته تحفظ بهذه الأمور النبوية ، وأمراضه بأضدادها .
فالتوحيد : يفتح للعبد باب الخيروالسرور واللذة والفرح والإبتهاج ، والتوبة استفراغ للأخلاط والمواد الفاسدة التيهي سبب أسقامه ، وحمية له من التخليط ، فهي تغلق عنه باب الشرور ، فيفتح له بابالسعادة والخير بالتوحيد ، ويغلق باب الشرور بالتوبة والإستغفار .
قال بعض المتقدمين من أئمة الطب : منأراد عافية الجسم ، فليقلل من الطعام والشراب ، ومن أراد عافية القلب ، فليتركالآثام . وقال ثابت بن قرة : راحة الجسم في قلة الطعام ، وراحة الروح في قلةالآثام ، وراحة اللسان في قلة الكلام .
والذنوب للقلب ، بمنزلة السموم ، إنلم تهلكه أضعفته ، ولا بد ، وإذا ضعفت قوته ، لم يقدر على مقاومة الأمراض ، قالطبيب القلوب عبد الله بن المبارك .
رأيت الذنوب تميتالقلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياةالقلوب وخيــر لنفسك عصيانها
فالهوى أكبر أدوائها ، ومخالفته أعظمأدويتها ، والنفس في الأصل خلقت جاهلة ظالمة ، فهي لجهلها تظن شفاءها في اتباعهواها ، وإنما فيه تلفها وعطبها ، ولظلمها لا تقبل من الطبيب الناصح ، بل تضعالداء موضع الدواء فتعتمده ، وتضع الدواء موضع الداء فتجتنبه ، فيتولد من بينإيثارها للداء ، واجتنابها للدواء أنواع من الأسقام والعلل التي تعيي الأطباء ،ويتعذر معها الشفاء . والمصيبة العظمى ، أنها تركب ذلك على القدر ، فتبرئ نفسها ،وتلوم ربها بلسان الحال دائماً ، ويقوى اللوم حتى يصرح به اللسان .
وإذا وصل العليل إلى هذه الحال ، فلايطمع في برئه إلا أن تتداركه رحمة من ربه ، فيحييه حياة جديدة ، ويرزقه طريقةحميدة ، فلهذا كان حديث ابن عباس في دعاء الكرب مشتملاً على توحيد الإلهيةوالربوبية ، ووصف الرب سبحانه بالعظمة والحلم ، وهاتان الصفتان مستلزمتان لكمالالقدرة والرحمة ، والإحسان والتجاوز ، ووصفه بكمال ربوبيته للعالم العلوي والسفلي، والعرش الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها ، والربوبية التامة تستلزم توحيده ، وأنهالذي لا تنبغي العبادة والحب والخوف والرجاء والإجلال والطاعة إلا له . وعظمتهالمطلقة تستلزم إثبات كل كمال له ، وسلب كل نقص وتمثيل عنه . وحلمه يستلزم كمالرحمته وإحسانه إلى خلقه .
فعلم القلب ومعرفته بذلك توجب محبتهوإجلاله وتوحيده ، فيحصل له من الإبتهاج واللذة والسرور ما يدفع عنه ألم الكربوالهم والغم ، وأنت تجد المريض إذا ورد عليه ما يسره ويفرحه ، ويقوي نفسه ، كيفتقوى الطبيعة على دفع المرض الحسي ، فحصول هذا الشفاء للقلب أولى وأحرى .
ثم إذا قابلت بين ضيق الكرب وسعة هذهالأوصاف التي تضمنها دعاء الكرب ، وجدته في غاية المناسبة لتفريج هذا الضيق، وخروجالقلب منه إلى سعة البهجة والسرور ، وهذه الأمور إنما يصدق بها من أشرقت فيهأنوارها ، وباشر قلبه حقائقها .
وفي تأثير قوله : يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث في دفع هذا الداء مناسبة بديعة ، فإن صفة الحياة متضمنةلجميع صفات الكمال ، مستلزمة لها ، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال ،ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى : هو اسم الحيالقيوم ، والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام ، ولهذا لما كملت حياة أهلالجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شئ من الآفات . ونقصان الحياة تضر بالأفعال، وتنافي القيومة ، فكمال القيومية لكمال الحياة ، فالحي المطلق التام الحياة لاتفوته صفة الكمال البتة ، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة ، فالتوسل بصفةالحياة القيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة ، ويضر بالأفعال .
ونظير هذا توسل النبي صلى الله عليهوسلم إلى ربه بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحقبإذنه، فإن حياة القلب بالهداية ، وقد وكل الله سبحانه هؤلاء الأملاك الثلاثةبالحياة ، فجبريل موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب ، وميكائيل بالقطر الذي هو حياةالأبدان والحيوان ، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعودالأرواح إلى أجسادها ، فالتوسل إليه سبحانه بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكلةبالحياة ، له تأثير في حصول المطلوب .
والمقصود : أن لاسم الحي القيومتأثيراً خاصاً في إجابة الدعوات ، وكشف الكربات ، وفي السنن و صحيح أبي حاتم مرفوعاً : " اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين "وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " [ البقرة : 163 ] ، وفاتحة آلعمران " الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم " " ، قال الترمذي :حديث صحيح .
وفي السنن و صحيحابن حبان أيضاً : من حديث أنس أن رجلاً دعا ، فقال : اللهم إني أسألك بأن لكالحمد ، لا إله إلا أنت المنان ، بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ،يا حي يا قيوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد دعا الله باسمهالأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى " .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلمإذا اجتهد في الدعاء قال : " يا حي يا قيوم " .
وفي قوله : " اللهم رحمتك أرجو ،فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت " من تحقيقالرجاء لمن الخير كله بيديه والإعتماد عليه وحده ، وتفويض الأمر إليه ، والتضرعإليه ، أن يتولى إصلاح شأنه ، ولا يكله إلى نفسه ، والتوسل إليه بتوحيده مما لهتأثير قوي في دفع هذا الداء ، وكذلك قوله : " الله ربي لا أشرك به شيئاً " .
وأما حديث ابن مسعود : " اللهمإني عبدك ابن عبدك " ، ففيه من المعارف الإلهية ، وأسرار العبودية ما لا يتسعله كتاب ، فإنه يتضمن الإعتراف بعبوديته وعبودية آبائه وأمهاته ، وأن ناصيته بيدهيصرفها كيف يشاء ، فلا يملك العبد دونه لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة، ولا نشوراً ، لأن من ناصيته بيد غيره ، فليس إليه شئ من أمره ، بل هو عان فيقبضته ، ذليل تحت سلطان قهره .
وقوله : " ماض في حكمك عدل فيقضائك " متضمن لأصلين عظيمين عليهما مدار التوحيد .
أحدهما : إثبات القدر ، وأن أحكامالرب تعالى نافذة في عبده ماضية فيه ، لا انفكاك له عنها ، ولا حيلة له في دفعها .
والثاني : أنه - سبحانه - عدل في هذهالأحكام ، غير ظالم لعبده ، بل لا يخرج فيها عن موجب العدل والإحسان ، فإن الظلمسببه حاجة الظالم ، أو جهله ، أو سفهه ، فيستحيل صدوره ممن هو بكل شئ عليم ، ومنهو غني عن كل شئ ، وكل شئ فقير إليه ، ومن هو أحكم الحاكمين ، فلا تخرج ذرة منمقدوراته عن حكمته وحمده ، كما لم تخرج عن قدرته ومشيئته ، فحكمته نافذة حيثنفذت مشيئته وقدرته ، ولهذا قال نبي الله هود صلى الله على نبينا وعليه وسلم ، وقدخوفه قومه بآلهتهم : " إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونهفكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذبناصيتها إن ربي على صراط مستقيم " [هود : 54 - 57 ] ، أي: مع كونه سبحانهآخذاً بنواصي خلقه وتصريفهم كما يشاء ، فهو على صراط مستقيم لا يتصرف فيهم إلابالعدل والحكمة ، والإحسان والرحمة . فقوله : ماض في حكمك ، مطابقلقوله : ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) ، وقوله : عدل في قضاؤك مطابق لقوله : إن ربي على صراط مستقيم ، ثم توسل إلى ربه بأسمائه التيسمى بها نفسه ما علم العباد منها وما لم يعلموا . ومنها: ما استأثره في علم الغيبعنده ، فلم يطلع عليه ملكاً مقرباً ، ولا نبياً مرسلاً ، وهذه الوسيلة أعظمالوسائل ، وأحبها إلى الله ، وأقربها تحصيلاً للمطلوب .
ثم سأله أن يجعل القرآن لقلبه كالربيعالذي يرتع فيه الحيوان ، وكذلك القرآن ربيع القلوب ، وأن يجعله شفاء همه وغمه ،فيكون له بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ، ويعيد البدن إلى صحته واعتداله ، وأنيجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو الطبوع والأصدية ، وغيرها ، فأحرى بهذا العلاج إذاصدق العليل في استعماله أن يزيل عنه داءه ، ويعقبه شفاء تاماً ، وصحة وعافية ،والله الموفق .
وأما دعوة ذي النون : فإن فيها منكمال التوحيد والتنزيه للرب تعالى ، واعتراف العبد بظلمه وذنبه ما هو من أبلغأدوية الكرب والهم والغم ، وأبلغ الوسائل إلى الله - سبحانه - في قضاء الحوائج ،فإن التوحيد والتنزيه يتضمنان إثبات كل كمال الله ، وسلب كل نقص وعيب وتمثيل عنه .والإعتراف بالظلم يتضمن إيمان العبد بالشرع والثواب والعقاب ، ويوجب انكسارهورجوعه إلى الله ، واستقالته عثرته ، والإعتراف بعبوديته، وافتقاره إلى ربه ، فهاهنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها : التوحيد ، والتنزيه ، والعبودية والإعتراف .
وأما حديث أبي أمامة : " اللهمإني أعوذ بك من الهم والحزن " ، فقد تضمن الإستعاذة من ثمانية أشياء ، كلاثنين منها قرينان مزدوجان ، فالهم والحزن أخوان ، والعجز والكسل أخوان ، والجبنوالبخل أخوان ، وضلع الدين وغلبة الرجال أخوان ، فإن المكروه المؤلم إذا ورد علىالقلب ، فإما أن يكون سببه أمراً ماضياً ، فيوجب له الحزن ، وإن كان أمراً متوقعاًفي المستقبل ، أوجب الهم ، وتخلف العبد عن مصالحه وتفويتها عليه ، إما أن يكون منعدم القدرة وهو العجز ، أو من عدم الإرادة وهو الكسل ، وحبس خيره ونفعه عن نفسهوعن بني جنسه ، إما أن يكون منع نفعه ببدنه ، فهو الجبن ، أو بماله ، فهو البخل ،وقهر الناس له إما بحق ، فهو ضلع الدين ، أو بباطل فهو غلبة الرجال ، فقد تضمنالحديث الإستعاذة من كل شر ، وأما تأثير الإستغفار في دفع الهم والغم والضيق ،فلما اشترك في العلم به أهل الملل وعقلاء كل أمة أن المعاصي والفساد توجب الهموالغم ، والخوف والحزن ، وضيق الصدر ، وأمراض القلب ، حتى إن أهلها إذا قضوا منهاأوطارهم ، وسئمتها نفوسهم ، ارتكبوها دفعاً لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهموالغم ، كما قال شيخ الفسوق :
وكأس شربت علىلذة وأخرى تداويت منها بها
وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام فيالقلوب ، فلا دواء لها إلا التوبة والإستغفار .
وأما الصلاة ، فشأنها في تفريح القلبوتقويته ، وشرحه وابتهاجه ولذته أكبر شأن ، وفيها من اتصال القلب والروح بالله ،وقربه والتنعم بذكره ، والإبتهاج بمناجاته ، والوقوف بين يديه ، واستعمال جميعالبدن وقواه وآلاته في عبوديته ، وإعطاء كل عضو حظه منها ، واشتغاله عن التعلقبالخلق وملابستهم ومحاوراتهم ، وانجذاب قوى قلبه وجوارحه إلى ربه وفاطره ، وراحتهمن عدوه حالة الصلاة ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرحات والأغذية التي لا تلائمإلا القلوب الصحيحة . وأما القلوب العليلة ، فهي كالأبدان لا تناسبها إلا الأغذيةالفاضلة .
فالصلاة من أكبر العون على تحصيلمصالح الدنيا والآخرة ، ودفع مفاسد الدنيا والآخرة ، وهي منهاة عن الإثم ، ودافعةلأدواء القلوب ، ومطردة للداء عن الجسد ، ومنورة للقلب ، ومبيضة للوجه ، ومنشطةللجوارح والنفس ، وجالبة للرزق ، ودافعة للظلم ، ومنزلة للرحمة ، وكاشفة للغمة ،ونافعة من كثير من أوجاع البطن . وقد روى ابن ماجه في سننه من حديثمجاهد ، عن أبي هريرة قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم أشكو منوجع بطني ، فقال لي : " يا أبا هريرة أشكمت درد ؟ قال : قلت : نعم يارسول الله ، قال : قم فصل ، فإن في الصلاة شفاء " . وقد روي هذا الحديثموقوفاً على أبي هريرة ، وأنه هو الذي قال ذلك لمجاهد ، وهو أشبه . ومعنى هذهاللفظة بالفارسي : أيوجعك بطنك ؟ .
فإن لم ينشرح صدر زنديق الأطباء بهذاالعلاج ، فيخاطب بصناعة الطب ، ويقال له : الصلاة رياضة النفس والبدن جميعاً ، إذكانت تشتمل على حركات وأوضاع مختلفة من الإنتصاب ، والركوع ، والسجود ، والتورك ،والإنتقالات وغيرها من الأوضاع التي يتحرك معها أكثر المفاصل ، وينغمز معها أكثرالأعضاء الباطنة ، كالمعدة ، والأمعاء ، وسائر آلات النفس ، والغذاء ، فما ينكر أنيكون في هذه الحركات تقوية وتحليل للمواد ، ولا سيما بواسطة قوة النفس وانشراحهافي الصلاة ، فتقوى الطبيعة ، فيندفع الألم ، ولكن داء الزندقة والإعراض عما جاءتبه الرسل ، والتعوض عنه بالإلحاد داء ليس له دواء إلا نار تلظى لا يصلاهاإلا الأشقى الذي كذب وتولى .
وأما تأثير الجهاد في دفع الهم والغم، فأمر معلوم بالوجدان ، فإن النفس متى تركت صائل الباطل وصولته واستيلاءه ، اشتدهمها وغمها ، وكربها وخوفها ، فإذا جاهدته لله أبدل الله ذلك الهم والحزن فرحاًونشاطاً وقوة ، كما قال تعالى : " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهموينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم " [ التوبة : 14 ، 15] ، فلا شئ أذهب لجوى القلب وغمه وهمه وحزنه من الجهاد ، والله المستعان .
وأما تأثير لا حول ولا قوة إلابالله في دفع هذا الداء ، فلما فيها من كمال التفويض والتبري من الحولوالقوة إلا به ، وتسليم الأمر كله له ، وعدم منازعته في شئ منه ، وعموم ذلك لكلتحول من حال إلى حال في العالم العلوي والسفلي ، والقوة على ذلك التحول ، وأن ذلككله بالله وحده ، فلا يقوم لهذه الكلمة شئ . وفي بعض الآثار : إنه ما ينزل ملك منالسماء ، ولا يصعد إليها إلا بلا حول ولا قوة إلا بالله ، ولها تأثير عجيب في طردالشيطان ، والله المستعان .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في علاجالفزع ، والأرق المانع من النوم
روى الترمذي في جامعه عنبريدة قال : شكى خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! ما أنامالليل من الأرق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم رب السماوات السبع وما أظلت ، ورب الأرضين ، وما أقلت ، ورب الشياطين ،وما أضلت ، كن لي جاراً من شر خلقك كلهم جميعاً أن يفرط علي أحد منهم ، أو يبغيعلي ، عز جارك ، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك " .
وفيه أيضاً : عن عمرو بن شعيب ، عنأبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع : "أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه ، وعقابه ، وشر عباده ، ومن همزات الشياطين ،وأعوذ بك رب أن يحضرون " ، قال : وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل منبنيه . ومن لم يعقل كتبه ، فأعلقه عليه ، ولا يخفى مناسبة هذه العوذة لعلاج هذاالداء .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في علاجداء الحريق وإطفائه
يذكر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدهقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتم الحريق فكبروا ، فإنالتكبير يطفئه " . لما كان الحريق سببه النار ، وهي مادة الشيطان التي خلق منها، وكان فيه من الفساد العام ما يناسب الشيطان بمادته وفعله ، كان للشيطان إعانةعليه ، وتنفيذ له ، وكانت النار تطلب بطبعها العلو والفساد ، وهذان الأمران ، وهماالعلو في الأرض والفساد هما هدي الشيطان ، وإليهما يدعو ، وبهما يهلك بني آدم ،فالنار والشيطان كل منهما يريد العلو في الأرض والفساد ، وكبرياء الرب - عز وجل -تقمع الشيطان وفعله .
ولهذا كان تكبير الله - عز وجل - لهأثر في إطفاء الحريق ، فإن كبرياء الله - عز وجل - لا يقوم لها شئ ، فإذا كبرالمسلم ربه ، أثر تكبيره في خمود النار وخمود الشيطان التي هي مادته ، فيطفئالحريق ، وقد جربنا نحن وغيرنا هذا ، فوجدناه كذلك، والله أعلم .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظالصحة بالطيب
لما كانت الرائحة الطيبة غذاء الروح ،والروح مطية القوى ، والقوى تزداد بالطيب ، وهو ينفع الدماغ والقلب ، وسائرالأعضاء الباطنية ، ويفرح القلب ، ويسر النفس ويبسط الروح ، وهو أصدق شئ للروح ،وأشده ملاءمة لها ، وبينه وبين الروح الطيبة نسبة قريبة . كان أحد المحبوبين منالدنيا إلى أطيب الطيبين صلوات الله عليه وسلامه .
وفي صحيح البخاري أنه صلىالله عليه وسلم كان لا يرد الطيب .
وفي صحيح مسلم عنه صلىالله عليه وسلم : " من عرض عليه ريحان ، فلا يرده فإنه طيب الريح ، خفيفالمحمل " .
وفي سنن أبي داود والنسائي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " منعرض عليه طيب ، فلا يرده ، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة " .
وفي مسند البزار : عنالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله طيب يجب الطيب ، نظيف يحبالنظافة ، كريم يحب الكرم ، جواد يحب الجود ، فنظفوا أفناءكم وساحاتكم ، ولاتشبهوا باليهود يجمعون الأكب في دورهم " . الأكب : الزبالة .
وذكر ابن أبي شيبة ، أنه صلى اللهعليه وسلم كان له سكة يتطيب منها .
وصح عنه أنه قال : " إن لله حقاًعلى كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ، وإن كان له طيب أن يمس منه " . وفيالطيب من الخاصية ، أن الملائكة تحبه ، والشياطين تنفر عنه ، وأحب شئ إلى الشياطينالرائحة المنتنة الكريهة ، فالأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة ، والأرواح الخبيثةتحب الرائحة الخبيثة ، وكل روح تميل إلى ما يناسبها ، فالخبيثات للخبيثين،والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين ، والطيبيون للطيبات ، وهذا وإن كان فيالنساء والرجال ، فإنه يتناول الأعمال والأقوال ، والمطاعم والمشارب، والملابسوالروائح ، إما بعموم لفظه ، أو بعموم معناه .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظصحة العين
روى أبو داود في سننه عنعبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال : "ليتقه الصائم " . قال أبو عبيد : المروح : المطيب بالمسك .
وفي سنن ابن ماجه وغيرهعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل منهاثلاثاً في كل عين .
وفي الترمذي : عن ابن عباس رضي اللهعنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل يجعل في اليمنى ثلاثاً، يبتدىء بها ، ويختم بها ، وفي اليسرى ثنتين .
وقد روى أبو داود عنه صلى الله عليهوسلم : " من اكتحل فليوتر " . فهل الوتر بالنسبة إلى العينين كلتيهما ،فيكون في هذه ثلاث ، وفي هذه ثنتان ، واليمنى أولى بالإبتداء والتفضيل ، أو هوبالنسبة إلى كل عين ، فيكون في هذه ثلاث ، وفي هذه ثلاث ، وهما قولان في مذهب أحمدوغيره .
وفي الكحل حفظ لصحة العين ، وتقويةللنور الباصر ، وجلاء لها ، وتلطيف للمادة الرديئة ، واستخراج لها مع الزينة فيبعض أنواعه ، وله عند النوم مزيد فضل لاشتمالها على الكحل ، وسكونها عقيبه عنالحركة المضرة بها ، وخدمة الطبيعة لها ، وللإثمد من ذلك خاصية .
وفي سنن ابن ماجه عن سالمعن أبيه يرفعه : " عليكم بالإثمد ، فإنه يجلو البصر ، وينبت الشعر " .
وفي كتاب أبي نعيم :" فإنه منبتة للشعر ، مذهبة للقذى ، مصفاة للبصر " .
وفي سنن ابن ماجه أيضاً :عن ابن عباس - رضي الله عنهما - يرفعه : " خير أكحالكم الإثمد ، يجلو البصر ،وينبت الشعر " .
الثاني عشر : التوبة .
الثالث عشر : الجهاد .
الرابع عشر : الصلاة .
الخامس عشر : البراءة من الحول والقوةوتفويضهما إلى من هما بيده .
فصل
في بيان جهة تأثير هذه الأدوية في هذهالأمراض
خلق الله - سبحانه - ابن آدم وأعضاءه، وجعل لكل عضو منها كمالاً إذا فقده أحس بالألم ، وجعل لملكها وهو القلب كمالاً ،إذا فقده ، حضرته أسقامه وآلامه من الهموم والغموم والأحزان .
فإذا فقدت العين ما خلقت له من قوةالإبصار ، وفقدت الأذن ما خلقت له من قوة السمع ، واللسان ما خلق له من قوة الكلام، فقدت كمالها .
والقلب : خلق لمعرفة فاطره ومحبتهوتوحيده والسرور به ، والإبتهاج بحبه ، والرضى عنه ، والتوكل عليه ، والحب فيه ،والبغض فيه ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه ، ودوام ذكره ، وأن يكون أحب إليه منكل ما سواه ، وارجي عنده من كل ما سواه ، وأجل في قلبه من كل ما سواه ، ولا نعيمله ولا سرور ولا لذة ، بل ولا حياة إلا بذلك ، وهذا له بمنزلة الغذاء والصحةوالحياة ، فإذا فقد غذاءه وصحته وحياته ، فالهموم والغموم والأحزان مسارعة من كلصوب إليه ، ورهن مقيم عليه .
ومن أعظم أدوائه : الشرك والذنوبوالغفلة والإستهانة بمحابه ومراضيه ، وترك التفويض إليه ، وقلة الإعتماد عليه ،والركون إلى ما سواه ، والسخط بمقدوره ، والشك في وعده ووعيده .
وإذا تأملت أمراض القلب ، وجدت هذهالأمور وأمثالها هي أسبابها لا سبب لها سواها ، فدواؤه الذي لا دواء له سواه ما تضمنتههذه العلاجات النبوية من الأمور المضادة لهذه الأدواء ، فإن المرض يزال بالضد ،والصحة تحفظ بالمثل ، فصحته تحفظ بهذه الأمور النبوية ، وأمراضه بأضدادها .
فالتوحيد : يفتح للعبد باب الخيروالسرور واللذة والفرح والإبتهاج ، والتوبة استفراغ للأخلاط والمواد الفاسدة التيهي سبب أسقامه ، وحمية له من التخليط ، فهي تغلق عنه باب الشرور ، فيفتح له بابالسعادة والخير بالتوحيد ، ويغلق باب الشرور بالتوبة والإستغفار .
قال بعض المتقدمين من أئمة الطب : منأراد عافية الجسم ، فليقلل من الطعام والشراب ، ومن أراد عافية القلب ، فليتركالآثام . وقال ثابت بن قرة : راحة الجسم في قلة الطعام ، وراحة الروح في قلةالآثام ، وراحة اللسان في قلة الكلام .
والذنوب للقلب ، بمنزلة السموم ، إنلم تهلكه أضعفته ، ولا بد ، وإذا ضعفت قوته ، لم يقدر على مقاومة الأمراض ، قالطبيب القلوب عبد الله بن المبارك .
رأيت الذنوب تميتالقلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياةالقلوب وخيــر لنفسك عصيانها
فالهوى أكبر أدوائها ، ومخالفته أعظمأدويتها ، والنفس في الأصل خلقت جاهلة ظالمة ، فهي لجهلها تظن شفاءها في اتباعهواها ، وإنما فيه تلفها وعطبها ، ولظلمها لا تقبل من الطبيب الناصح ، بل تضعالداء موضع الدواء فتعتمده ، وتضع الدواء موضع الداء فتجتنبه ، فيتولد من بينإيثارها للداء ، واجتنابها للدواء أنواع من الأسقام والعلل التي تعيي الأطباء ،ويتعذر معها الشفاء . والمصيبة العظمى ، أنها تركب ذلك على القدر ، فتبرئ نفسها ،وتلوم ربها بلسان الحال دائماً ، ويقوى اللوم حتى يصرح به اللسان .
وإذا وصل العليل إلى هذه الحال ، فلايطمع في برئه إلا أن تتداركه رحمة من ربه ، فيحييه حياة جديدة ، ويرزقه طريقةحميدة ، فلهذا كان حديث ابن عباس في دعاء الكرب مشتملاً على توحيد الإلهيةوالربوبية ، ووصف الرب سبحانه بالعظمة والحلم ، وهاتان الصفتان مستلزمتان لكمالالقدرة والرحمة ، والإحسان والتجاوز ، ووصفه بكمال ربوبيته للعالم العلوي والسفلي، والعرش الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها ، والربوبية التامة تستلزم توحيده ، وأنهالذي لا تنبغي العبادة والحب والخوف والرجاء والإجلال والطاعة إلا له . وعظمتهالمطلقة تستلزم إثبات كل كمال له ، وسلب كل نقص وتمثيل عنه . وحلمه يستلزم كمالرحمته وإحسانه إلى خلقه .
فعلم القلب ومعرفته بذلك توجب محبتهوإجلاله وتوحيده ، فيحصل له من الإبتهاج واللذة والسرور ما يدفع عنه ألم الكربوالهم والغم ، وأنت تجد المريض إذا ورد عليه ما يسره ويفرحه ، ويقوي نفسه ، كيفتقوى الطبيعة على دفع المرض الحسي ، فحصول هذا الشفاء للقلب أولى وأحرى .
ثم إذا قابلت بين ضيق الكرب وسعة هذهالأوصاف التي تضمنها دعاء الكرب ، وجدته في غاية المناسبة لتفريج هذا الضيق، وخروجالقلب منه إلى سعة البهجة والسرور ، وهذه الأمور إنما يصدق بها من أشرقت فيهأنوارها ، وباشر قلبه حقائقها .
وفي تأثير قوله : يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث في دفع هذا الداء مناسبة بديعة ، فإن صفة الحياة متضمنةلجميع صفات الكمال ، مستلزمة لها ، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال ،ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى : هو اسم الحيالقيوم ، والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام ، ولهذا لما كملت حياة أهلالجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شئ من الآفات . ونقصان الحياة تضر بالأفعال، وتنافي القيومة ، فكمال القيومية لكمال الحياة ، فالحي المطلق التام الحياة لاتفوته صفة الكمال البتة ، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة ، فالتوسل بصفةالحياة القيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة ، ويضر بالأفعال .
ونظير هذا توسل النبي صلى الله عليهوسلم إلى ربه بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحقبإذنه، فإن حياة القلب بالهداية ، وقد وكل الله سبحانه هؤلاء الأملاك الثلاثةبالحياة ، فجبريل موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب ، وميكائيل بالقطر الذي هو حياةالأبدان والحيوان ، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعودالأرواح إلى أجسادها ، فالتوسل إليه سبحانه بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكلةبالحياة ، له تأثير في حصول المطلوب .
والمقصود : أن لاسم الحي القيومتأثيراً خاصاً في إجابة الدعوات ، وكشف الكربات ، وفي السنن و صحيح أبي حاتم مرفوعاً : " اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين "وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " [ البقرة : 163 ] ، وفاتحة آلعمران " الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم " " ، قال الترمذي :حديث صحيح .
وفي السنن و صحيحابن حبان أيضاً : من حديث أنس أن رجلاً دعا ، فقال : اللهم إني أسألك بأن لكالحمد ، لا إله إلا أنت المنان ، بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ،يا حي يا قيوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد دعا الله باسمهالأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى " .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلمإذا اجتهد في الدعاء قال : " يا حي يا قيوم " .
وفي قوله : " اللهم رحمتك أرجو ،فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت " من تحقيقالرجاء لمن الخير كله بيديه والإعتماد عليه وحده ، وتفويض الأمر إليه ، والتضرعإليه ، أن يتولى إصلاح شأنه ، ولا يكله إلى نفسه ، والتوسل إليه بتوحيده مما لهتأثير قوي في دفع هذا الداء ، وكذلك قوله : " الله ربي لا أشرك به شيئاً " .
وأما حديث ابن مسعود : " اللهمإني عبدك ابن عبدك " ، ففيه من المعارف الإلهية ، وأسرار العبودية ما لا يتسعله كتاب ، فإنه يتضمن الإعتراف بعبوديته وعبودية آبائه وأمهاته ، وأن ناصيته بيدهيصرفها كيف يشاء ، فلا يملك العبد دونه لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة، ولا نشوراً ، لأن من ناصيته بيد غيره ، فليس إليه شئ من أمره ، بل هو عان فيقبضته ، ذليل تحت سلطان قهره .
وقوله : " ماض في حكمك عدل فيقضائك " متضمن لأصلين عظيمين عليهما مدار التوحيد .
أحدهما : إثبات القدر ، وأن أحكامالرب تعالى نافذة في عبده ماضية فيه ، لا انفكاك له عنها ، ولا حيلة له في دفعها .
والثاني : أنه - سبحانه - عدل في هذهالأحكام ، غير ظالم لعبده ، بل لا يخرج فيها عن موجب العدل والإحسان ، فإن الظلمسببه حاجة الظالم ، أو جهله ، أو سفهه ، فيستحيل صدوره ممن هو بكل شئ عليم ، ومنهو غني عن كل شئ ، وكل شئ فقير إليه ، ومن هو أحكم الحاكمين ، فلا تخرج ذرة منمقدوراته عن حكمته وحمده ، كما لم تخرج عن قدرته ومشيئته ، فحكمته نافذة حيثنفذت مشيئته وقدرته ، ولهذا قال نبي الله هود صلى الله على نبينا وعليه وسلم ، وقدخوفه قومه بآلهتهم : " إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونهفكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذبناصيتها إن ربي على صراط مستقيم " [هود : 54 - 57 ] ، أي: مع كونه سبحانهآخذاً بنواصي خلقه وتصريفهم كما يشاء ، فهو على صراط مستقيم لا يتصرف فيهم إلابالعدل والحكمة ، والإحسان والرحمة . فقوله : ماض في حكمك ، مطابقلقوله : ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) ، وقوله : عدل في قضاؤك مطابق لقوله : إن ربي على صراط مستقيم ، ثم توسل إلى ربه بأسمائه التيسمى بها نفسه ما علم العباد منها وما لم يعلموا . ومنها: ما استأثره في علم الغيبعنده ، فلم يطلع عليه ملكاً مقرباً ، ولا نبياً مرسلاً ، وهذه الوسيلة أعظمالوسائل ، وأحبها إلى الله ، وأقربها تحصيلاً للمطلوب .
ثم سأله أن يجعل القرآن لقلبه كالربيعالذي يرتع فيه الحيوان ، وكذلك القرآن ربيع القلوب ، وأن يجعله شفاء همه وغمه ،فيكون له بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ، ويعيد البدن إلى صحته واعتداله ، وأنيجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو الطبوع والأصدية ، وغيرها ، فأحرى بهذا العلاج إذاصدق العليل في استعماله أن يزيل عنه داءه ، ويعقبه شفاء تاماً ، وصحة وعافية ،والله الموفق .
وأما دعوة ذي النون : فإن فيها منكمال التوحيد والتنزيه للرب تعالى ، واعتراف العبد بظلمه وذنبه ما هو من أبلغأدوية الكرب والهم والغم ، وأبلغ الوسائل إلى الله - سبحانه - في قضاء الحوائج ،فإن التوحيد والتنزيه يتضمنان إثبات كل كمال الله ، وسلب كل نقص وعيب وتمثيل عنه .والإعتراف بالظلم يتضمن إيمان العبد بالشرع والثواب والعقاب ، ويوجب انكسارهورجوعه إلى الله ، واستقالته عثرته ، والإعتراف بعبوديته، وافتقاره إلى ربه ، فهاهنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها : التوحيد ، والتنزيه ، والعبودية والإعتراف .
وأما حديث أبي أمامة : " اللهمإني أعوذ بك من الهم والحزن " ، فقد تضمن الإستعاذة من ثمانية أشياء ، كلاثنين منها قرينان مزدوجان ، فالهم والحزن أخوان ، والعجز والكسل أخوان ، والجبنوالبخل أخوان ، وضلع الدين وغلبة الرجال أخوان ، فإن المكروه المؤلم إذا ورد علىالقلب ، فإما أن يكون سببه أمراً ماضياً ، فيوجب له الحزن ، وإن كان أمراً متوقعاًفي المستقبل ، أوجب الهم ، وتخلف العبد عن مصالحه وتفويتها عليه ، إما أن يكون منعدم القدرة وهو العجز ، أو من عدم الإرادة وهو الكسل ، وحبس خيره ونفعه عن نفسهوعن بني جنسه ، إما أن يكون منع نفعه ببدنه ، فهو الجبن ، أو بماله ، فهو البخل ،وقهر الناس له إما بحق ، فهو ضلع الدين ، أو بباطل فهو غلبة الرجال ، فقد تضمنالحديث الإستعاذة من كل شر ، وأما تأثير الإستغفار في دفع الهم والغم والضيق ،فلما اشترك في العلم به أهل الملل وعقلاء كل أمة أن المعاصي والفساد توجب الهموالغم ، والخوف والحزن ، وضيق الصدر ، وأمراض القلب ، حتى إن أهلها إذا قضوا منهاأوطارهم ، وسئمتها نفوسهم ، ارتكبوها دفعاً لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهموالغم ، كما قال شيخ الفسوق :
وكأس شربت علىلذة وأخرى تداويت منها بها
وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام فيالقلوب ، فلا دواء لها إلا التوبة والإستغفار .
وأما الصلاة ، فشأنها في تفريح القلبوتقويته ، وشرحه وابتهاجه ولذته أكبر شأن ، وفيها من اتصال القلب والروح بالله ،وقربه والتنعم بذكره ، والإبتهاج بمناجاته ، والوقوف بين يديه ، واستعمال جميعالبدن وقواه وآلاته في عبوديته ، وإعطاء كل عضو حظه منها ، واشتغاله عن التعلقبالخلق وملابستهم ومحاوراتهم ، وانجذاب قوى قلبه وجوارحه إلى ربه وفاطره ، وراحتهمن عدوه حالة الصلاة ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرحات والأغذية التي لا تلائمإلا القلوب الصحيحة . وأما القلوب العليلة ، فهي كالأبدان لا تناسبها إلا الأغذيةالفاضلة .
فالصلاة من أكبر العون على تحصيلمصالح الدنيا والآخرة ، ودفع مفاسد الدنيا والآخرة ، وهي منهاة عن الإثم ، ودافعةلأدواء القلوب ، ومطردة للداء عن الجسد ، ومنورة للقلب ، ومبيضة للوجه ، ومنشطةللجوارح والنفس ، وجالبة للرزق ، ودافعة للظلم ، ومنزلة للرحمة ، وكاشفة للغمة ،ونافعة من كثير من أوجاع البطن . وقد روى ابن ماجه في سننه من حديثمجاهد ، عن أبي هريرة قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم أشكو منوجع بطني ، فقال لي : " يا أبا هريرة أشكمت درد ؟ قال : قلت : نعم يارسول الله ، قال : قم فصل ، فإن في الصلاة شفاء " . وقد روي هذا الحديثموقوفاً على أبي هريرة ، وأنه هو الذي قال ذلك لمجاهد ، وهو أشبه . ومعنى هذهاللفظة بالفارسي : أيوجعك بطنك ؟ .
فإن لم ينشرح صدر زنديق الأطباء بهذاالعلاج ، فيخاطب بصناعة الطب ، ويقال له : الصلاة رياضة النفس والبدن جميعاً ، إذكانت تشتمل على حركات وأوضاع مختلفة من الإنتصاب ، والركوع ، والسجود ، والتورك ،والإنتقالات وغيرها من الأوضاع التي يتحرك معها أكثر المفاصل ، وينغمز معها أكثرالأعضاء الباطنة ، كالمعدة ، والأمعاء ، وسائر آلات النفس ، والغذاء ، فما ينكر أنيكون في هذه الحركات تقوية وتحليل للمواد ، ولا سيما بواسطة قوة النفس وانشراحهافي الصلاة ، فتقوى الطبيعة ، فيندفع الألم ، ولكن داء الزندقة والإعراض عما جاءتبه الرسل ، والتعوض عنه بالإلحاد داء ليس له دواء إلا نار تلظى لا يصلاهاإلا الأشقى الذي كذب وتولى .
وأما تأثير الجهاد في دفع الهم والغم، فأمر معلوم بالوجدان ، فإن النفس متى تركت صائل الباطل وصولته واستيلاءه ، اشتدهمها وغمها ، وكربها وخوفها ، فإذا جاهدته لله أبدل الله ذلك الهم والحزن فرحاًونشاطاً وقوة ، كما قال تعالى : " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهموينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم " [ التوبة : 14 ، 15] ، فلا شئ أذهب لجوى القلب وغمه وهمه وحزنه من الجهاد ، والله المستعان .
وأما تأثير لا حول ولا قوة إلابالله في دفع هذا الداء ، فلما فيها من كمال التفويض والتبري من الحولوالقوة إلا به ، وتسليم الأمر كله له ، وعدم منازعته في شئ منه ، وعموم ذلك لكلتحول من حال إلى حال في العالم العلوي والسفلي ، والقوة على ذلك التحول ، وأن ذلككله بالله وحده ، فلا يقوم لهذه الكلمة شئ . وفي بعض الآثار : إنه ما ينزل ملك منالسماء ، ولا يصعد إليها إلا بلا حول ولا قوة إلا بالله ، ولها تأثير عجيب في طردالشيطان ، والله المستعان .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في علاجالفزع ، والأرق المانع من النوم
روى الترمذي في جامعه عنبريدة قال : شكى خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! ما أنامالليل من الأرق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم رب السماوات السبع وما أظلت ، ورب الأرضين ، وما أقلت ، ورب الشياطين ،وما أضلت ، كن لي جاراً من شر خلقك كلهم جميعاً أن يفرط علي أحد منهم ، أو يبغيعلي ، عز جارك ، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك " .
وفيه أيضاً : عن عمرو بن شعيب ، عنأبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع : "أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه ، وعقابه ، وشر عباده ، ومن همزات الشياطين ،وأعوذ بك رب أن يحضرون " ، قال : وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل منبنيه . ومن لم يعقل كتبه ، فأعلقه عليه ، ولا يخفى مناسبة هذه العوذة لعلاج هذاالداء .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في علاجداء الحريق وإطفائه
يذكر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدهقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتم الحريق فكبروا ، فإنالتكبير يطفئه " . لما كان الحريق سببه النار ، وهي مادة الشيطان التي خلق منها، وكان فيه من الفساد العام ما يناسب الشيطان بمادته وفعله ، كان للشيطان إعانةعليه ، وتنفيذ له ، وكانت النار تطلب بطبعها العلو والفساد ، وهذان الأمران ، وهماالعلو في الأرض والفساد هما هدي الشيطان ، وإليهما يدعو ، وبهما يهلك بني آدم ،فالنار والشيطان كل منهما يريد العلو في الأرض والفساد ، وكبرياء الرب - عز وجل -تقمع الشيطان وفعله .
ولهذا كان تكبير الله - عز وجل - لهأثر في إطفاء الحريق ، فإن كبرياء الله - عز وجل - لا يقوم لها شئ ، فإذا كبرالمسلم ربه ، أثر تكبيره في خمود النار وخمود الشيطان التي هي مادته ، فيطفئالحريق ، وقد جربنا نحن وغيرنا هذا ، فوجدناه كذلك، والله أعلم .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظالصحة بالطيب
لما كانت الرائحة الطيبة غذاء الروح ،والروح مطية القوى ، والقوى تزداد بالطيب ، وهو ينفع الدماغ والقلب ، وسائرالأعضاء الباطنية ، ويفرح القلب ، ويسر النفس ويبسط الروح ، وهو أصدق شئ للروح ،وأشده ملاءمة لها ، وبينه وبين الروح الطيبة نسبة قريبة . كان أحد المحبوبين منالدنيا إلى أطيب الطيبين صلوات الله عليه وسلامه .
وفي صحيح البخاري أنه صلىالله عليه وسلم كان لا يرد الطيب .
وفي صحيح مسلم عنه صلىالله عليه وسلم : " من عرض عليه ريحان ، فلا يرده فإنه طيب الريح ، خفيفالمحمل " .
وفي سنن أبي داود والنسائي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " منعرض عليه طيب ، فلا يرده ، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة " .
وفي مسند البزار : عنالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله طيب يجب الطيب ، نظيف يحبالنظافة ، كريم يحب الكرم ، جواد يحب الجود ، فنظفوا أفناءكم وساحاتكم ، ولاتشبهوا باليهود يجمعون الأكب في دورهم " . الأكب : الزبالة .
وذكر ابن أبي شيبة ، أنه صلى اللهعليه وسلم كان له سكة يتطيب منها .
وصح عنه أنه قال : " إن لله حقاًعلى كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ، وإن كان له طيب أن يمس منه " . وفيالطيب من الخاصية ، أن الملائكة تحبه ، والشياطين تنفر عنه ، وأحب شئ إلى الشياطينالرائحة المنتنة الكريهة ، فالأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة ، والأرواح الخبيثةتحب الرائحة الخبيثة ، وكل روح تميل إلى ما يناسبها ، فالخبيثات للخبيثين،والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين ، والطيبيون للطيبات ، وهذا وإن كان فيالنساء والرجال ، فإنه يتناول الأعمال والأقوال ، والمطاعم والمشارب، والملابسوالروائح ، إما بعموم لفظه ، أو بعموم معناه .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظصحة العين
روى أبو داود في سننه عنعبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال : "ليتقه الصائم " . قال أبو عبيد : المروح : المطيب بالمسك .
وفي سنن ابن ماجه وغيرهعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل منهاثلاثاً في كل عين .
وفي الترمذي : عن ابن عباس رضي اللهعنهما ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل يجعل في اليمنى ثلاثاً، يبتدىء بها ، ويختم بها ، وفي اليسرى ثنتين .
وقد روى أبو داود عنه صلى الله عليهوسلم : " من اكتحل فليوتر " . فهل الوتر بالنسبة إلى العينين كلتيهما ،فيكون في هذه ثلاث ، وفي هذه ثنتان ، واليمنى أولى بالإبتداء والتفضيل ، أو هوبالنسبة إلى كل عين ، فيكون في هذه ثلاث ، وفي هذه ثلاث ، وهما قولان في مذهب أحمدوغيره .
وفي الكحل حفظ لصحة العين ، وتقويةللنور الباصر ، وجلاء لها ، وتلطيف للمادة الرديئة ، واستخراج لها مع الزينة فيبعض أنواعه ، وله عند النوم مزيد فضل لاشتمالها على الكحل ، وسكونها عقيبه عنالحركة المضرة بها ، وخدمة الطبيعة لها ، وللإثمد من ذلك خاصية .
وفي سنن ابن ماجه عن سالمعن أبيه يرفعه : " عليكم بالإثمد ، فإنه يجلو البصر ، وينبت الشعر " .
وفي كتاب أبي نعيم :" فإنه منبتة للشعر ، مذهبة للقذى ، مصفاة للبصر " .
وفي سنن ابن ماجه أيضاً :عن ابن عباس - رضي الله عنهما - يرفعه : " خير أكحالكم الإثمد ، يجلو البصر ،وينبت الشعر " .
مواضيع مماثلة
» الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (1)
» الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (2)
» الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3)
» الطب النبوي زاد المعاد – الطب النبوي- الجزء الرابع(1)
» الطب النبوي زاد المعاد – الطب النبوي- الجزء الرابع(2)
» الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (2)
» الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3)
» الطب النبوي زاد المعاد – الطب النبوي- الجزء الرابع(1)
» الطب النبوي زاد المعاد – الطب النبوي- الجزء الرابع(2)
وأذا مرضت فهو يشفين :: الفئة الأولى :: العلاج بالقرأن الكريم :: علاج السحر واللبس والمس بالقرأن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين مارس 16, 2015 7:49 pm من طرف خالد براهمه
» علاج السرطان بالأعشاب خلال اربعة اسابيع
الإثنين مارس 16, 2015 7:35 pm من طرف خالد براهمه
» الفستق مقوى جنسي نسبة 51%
الخميس نوفمبر 28, 2013 7:37 pm من طرف خالد براهمه
» اسماء الأعشاب
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:35 am من طرف حسين العنوز
» آيات الشفاء في القرآن
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:30 am من طرف حسين العنوز
» اضطرابات الغدة الدرقية وعلاجها
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:29 am من طرف حسين العنوز
» رقية للعقـم والإســـقاط
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:28 am من طرف حسين العنوز
» مرضى السكري
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز
» اظفـــــــار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز