وأذا مرضت فهو يشفين
اهلا بك زائرنا الكريم
كي تتمكن من قراءة كل المواضيع ووضع الردود يرجى منك تشرفينا عضوا مرحبا به في منتدانا والتسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

وأذا مرضت فهو يشفين
اهلا بك زائرنا الكريم
كي تتمكن من قراءة كل المواضيع ووضع الردود يرجى منك تشرفينا عضوا مرحبا به في منتدانا والتسجيل
وأذا مرضت فهو يشفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» علاج تصلب الشرايين والجلطات القلبيه والدماغيه بعون الله تعالى
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الإثنين مارس 16, 2015 7:49 pm من طرف خالد براهمه

» علاج السرطان بالأعشاب خلال اربعة اسابيع
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الإثنين مارس 16, 2015 7:35 pm من طرف خالد براهمه

» الفستق مقوى جنسي نسبة 51%
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الخميس نوفمبر 28, 2013 7:37 pm من طرف خالد براهمه

» اسماء الأعشاب
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:35 am من طرف حسين العنوز

» آيات الشفاء في القرآن
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:30 am من طرف حسين العنوز

» اضطرابات الغدة الدرقية وعلاجها
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:29 am من طرف حسين العنوز

» رقية للعقـم والإســـقاط
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:28 am من طرف حسين العنوز

» مرضى السكري
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز

» اظفـــــــار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز

التبادل الاعلاني
مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني
دخول

لقد نسيت كلمة السر


الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3)

اذهب الى الأسفل

الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3) Empty الطب النبــــــــوي الجزء الثالث (3)

مُساهمة من طرف خالد براهمه الخميس أكتوبر 28, 2010 10:40 pm

فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في رقيةالقرحة والجرح
أخرجا في الصحيحين عنعائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحةأو جرح ، قال بأصبعه : هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ، ثم رفعها ، وقال : "بسم الله ، تربة أرضنا بريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا بإذن ربنا " .
هذا من العلاج الميسر النافع المركب ،وهي معالجة لطيفة يعالج بها القروح والجراحات الطرية ، لا سيما عند عدم غيرها منالأدوية إذ كانت موجودة بكل أرض ، وقد علم أن طبيعة التراب الخالص بادرة يابسةمجففة لرطوبات القروح والجراحات التي تمنع الطبيعة من جودة فعلها ، وسرعة اندمالها، لا سيما في البلاد الحارة ، وأصحاب الأمزجة الحارة ، فإن القروح والجراحاتيتبعها في أكثر الأمر سوء مزاج حار ، فيجتمع حرارة البلد والمزاج والجراح ، وطبيعةالتراب الخالص باردة يابسة أشد من برودة جميع الأدوية المفردة الباردة ، فتقابلبرودة التراب حرارة المرض ، لا سيما إن كان التراب قد غسل وجفف ، ويتبعها أيضاًكثرة الرطوبات الرديئة ، والسيلان ، والتراب مجفف لها ، مزيل لشدة يبسه وتجفيفهللرطوبة الرديئة المانعة من برئها ، ويحصل به - مع ذلك - تعديل مزاج العضو العليل، ومتى اعتدل مزاج العضو قويت قواه المدبرة ، ودفعت عنه الألم بإذن الله .

ومعنى الحديث : أنه يأخذ من ريق نفسهعلى أصبعه السبابة ، ثم يضعها على التراب ، فيعلق بها منه شئ ، فيمسح به على الجرح، ويقول هذا الكلام لما فيه من بركة ذكر اسم الله ، وتفويض الأمر إليه ، والتوكلعليه ، فينضم أحد العلاجين إلى الآخر ، فيقوى التأثير .
وهل المراد بقوله : تربةأرضنا جميع الأرض أو أرض المدينة خاصة ؟ فيه قولان ، ولا ريب أن من التربةما تكون فيه خاصية ينفع بخاصيته من أدواء كثيرة ، ويشفي به أسقاماً رديئة . قالجالينوس : رأيت بالإسكندرية مطحولين ، ومستسقين ، كثيراً يستعملون طين مصر ،ويطلون به على سوقهم ، وأفخاذهم ، وسواعدهم ، وظهورهم ، وأضلاعهم ، فينتفعون بهمنفعة بينة . قال : وعلى هذا النحو فقد ينفع هذا الطلاء للأورام العفنة والمترهلةالرخوة ، قال : وإني لأعرف قوماً ترهلت أبدانهم كلها من كثرة استفراغ الدم من أسفل، انتفعوا بهذا الطين نفعاً بيناً ، وقوماً آخرين شفوا به أوجاعاً مزمنة كانتمتمكنة في بعض الأعضاء تمكناً شديداً ، فبرأت وذهبت أصلاً . وقال صاحب الكتابالمسيحي : قوة الطين المجلوب من كنوس - وهي جزيرة المصطكى - قوة تجلو وتغسل ،وتنبت اللحم في القروح ، وتختم القروح . انتهى .
وإذا كان هذا في هذه التربات ، فماالظن بأطيب تربة على وجه الأرض وأبركها ، وقد خالطت ريق رسول الله صلى الله عليهوسلم ، وقارنت رقيته باسم ربه ، وتفويض الأمر إليه ، وقد تقدم أن قوى الرقيةوتأثيرها بحسب الراقي ، وانفعال المرقي عن رقيته ، وهذا أمر لا ينكره طبيب فاضلعاقل مسلم ، فإن انتفى أحد الأوصاف ، فليقل ما شاء .

فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في علاجالوجع بالرقية
روى مسلم في صحيحه عنعثمان بن أبي العاص ، أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده فيجسده منذ أسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ضع يدك على الذي تألم منجسدك وقل : بسم الله ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجدوأحاذر " ففي هذا العلاج من ذكر الله ، والتفويض إليه ، والإستعاذة بعزتهوقدرته من شر الألم ما يذهب به ، وتكراره ليكون أنجع وأبلغ ، كتكرار الدواء لأخراجالمادة ، وفي السبع خاصية لا توجد في غيرها ، وفي الصحيحين : أن النبيصلى الله عليه وسلم ، كان يعوذ بعض أهله ، يمسح بيده اليمنى ، ويقول : "اللهم رب الناس ، أذهب الباس ، واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لايغادر سقماً " . ففي هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته ، وكمال رحمتهبالشفاء ، وأنه وحده الشافى ، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه ، فتضمنت التوسل إليهبتوحيده وإحسانه وربوبيته .

فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في علاجحر المصيبة وحزنها
قال تعالى : " وبشر الصابرين *الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات منربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " [ البقرة : 155 ] . وفي المسند عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول : إنالله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها ، إلا أجارهالله في مصيبته ، وأخلف له خيراً منها " .
وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب ،وأنفعه له في عاجلته وآجلته ، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهماتسلى عن مصيبته .

أحدهما : أن العبد وأهله وماله ملكلله عز وجل حقيقة ، وقد جعله عند العبد عارية ، فإذا أخذه منه ، فهو كالمعير يأخذمتاعه من المستعير ، وأيضاً فإنه محفوف بعدمين : عدم قبله ، وعدم بعده ، وملكالعبد له متعة معارة في زمن يسير ، وأيضاً فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه ، حتى يكونملكه حقيقة ، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ، ولا يبقي عليه وجوده ، فليسله فيه تأثير ، ولا ملك حقيقي ، وأيضاً فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي، لا تصرف الملاك ، ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكهالحقيقي .

والثاني : أن مصير العبد ومرجعه إلىالله مولاه الحق ، ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره ، ويجيء ربه فرداً كما خلقهأول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة ، ولكن بالحسنات والسيئات ، فإذا كانت هذهبداية العبد وما خوله ونهايته ، فكيف يفرح بموجود ، أو يأسى على مفقود ، ففكره فيمبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء ، ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابهلم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه . قال تعالى : " ما أصاب من مصيبةفي الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور " [الحديد : 22 ] .

ومن علاجه أن ينظر إلى ما أصيب به ،فيجد ربه قد أبقى عليه مثله ، أو أفضل منه ، وادخر له - إن صبر ورضي - ما هو أعظممن فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة ، وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي .
ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببردالتأسي بأهل المصائب ، وليعلم أنه في كل واد بنو سعد ، ولينظر يمنة ، فهل يرى إلامحنة ؟ ثم ليعطف يسرة ، فهل يرى إلا حسرة ؟ ، وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلامبتلى ، إما بفوات محبوب ، أو حصول مكروه ، وأن شرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل، إن أضحكت قليلاً ، أبكت كثيراً ، وإن سرت يوماً ، ساءت دهراً ، وإن متعت قليلاً، منعت طويلاً ، وما ملأت داراً خيرة إلا ملأتها عبرة ، ولا سرته بيوم سرور إلاخبأت له يوم شرور ، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : لكل فرحة ترحة ، وما ملئ بيتفرحاً إلا ملئ ترحاً . وقال ابن سيرين : ما كان ضحك قط إلا كان من بعده بكاء .
وقالت هند بنت النعمان : لقد رأيتناونحن من أعز الناس وأشدهم ملكاً ، ثم لم تغب الشمس حتى رأيتنا ونحن أقل الناس ،وأنه حق على الله ألا يملأ داراً خيرة إلا ملأها عبرة .

وسألها رجل أن تحدثه عن أمرها ، فقالت: أصبحنا ذا صباح ، وما في العرب أحد إلا يرجونا ، ثم أمسينا وما في العرب أحد إلايرحمنا .
وبكت أختها حرقة بنت النعمان يوماً ،وهي في عزها ، فقيل لها : ما يبكيك ، لعل أحداً آذاك ؟ قالت : لا ، ولكن رأيتغضارة في أهلي ، وقلما امتلأت دار سروراً إلا امتلأت حزناً .
قال إسحاق بن طلحة : دخلت عليها يوماً، فقلت لها : كيف رأيت عبرات الملوك ؟ فقالت : ما نحن فيه اليوم خير مما كنافيه الأمس ، إنا نجد في الكتب أنه ليس من أهل بيت يعيشون في خيرة إلاسيعقبون بعدها عبرة ، وأن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطن لهم بيوميكرهونه ، ثم قالت :
فبينا نسوس الناس والأمرأمرنا إذا نحـن فيهم سوقة نتنصف
فـــأف لدنيـــا لا يـدومنـعـيـمهـا تقلب تـارات بنـــاوتصـــرف
ومن علاجها أن يعلم أن الجزع لا يردها، بل يضاعفها ، وهو في الحقيقة من تزايد المرض .
ومن علاجها أن يعلم أن فوت ثواب الصبروالتسليم ، وهو الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر ، والإسترجاعأعظم من المصيبة في الحقيقة .
ومن علاجها أن يعلم أن الجزع يشمتعدوه ، ويسوء صديقه ، ويغضب ربه ، ويسر شيطانه ، ويحبط أجره ، ويضعف نفسه ، وإذاصبر واحتسب أنضى شيطانه ، ورده خاسئاً ، وأرضى ربه ، وسر صديقه ، وساء عدوه ، وحملعن إخوانه ، وعزاهم هو قبل أن يعزوه ، فهذا هو الثبات والكمال الأعظم ، لا لطمالخدود ، وشق الجيوب ، والدعاء بالويل والثبور ، والسخط على المقدور .
ومن علاجها : أن يعلم أن ما يعقبهالصبر والإحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقيعليه ، ويكفيه من ذلك بيت الحمد الذي يبنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه ، فلينظر: أي المصيبتين أعظم ؟ : مصيبة العاجلة ، أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد .وفي الترمذي مرفوعاً : " يود ناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريضفي الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء " .

وقال بعض السلف : لو لا مصائب الدنيالوردنا القيام مفاليس .
ومن علاجها : أن يروح قلبه بروح رجاءالخلف من الله ، فإنه من كل شئ عوض إلا الله ، فما منه عوض كما قيل :
من كل شئ إذا ضيعتهعوض وما من الله إن ضيعته عوض
ومن علاجها : أن يعلم أن حظه منالمصيبة ما تحدثه له ، فمن رضي ، فله الرضى ، ومن سخط ، فله السخط ، فحظك منها ماأحدثته لك ، فاختر خير الحظوظ أو شرها ، فإن أحدثت له سخطاً وكفراً ، كتب في ديوانالهالكين ، وإن أحدثت له جزعاً وتفريطاً في ترك واجب ، أو فعل محرم ، كتب في ديوانالمفرطين ، وإن أحدثت له شكاية ، وعدم صبر ، كتب في ديوان المغبونين ، وإن أحدثت لهاعتراضاً على الله ، وقدحاً في حكمته ، فقد قرع باب الزندقة أو ولجه ، وإن أحدثتله صبراً وثباتاً لله ، كتب في ديوان الصابرين ، وإن أحدثت له الرضى عن الله ، كتبفي ديوان الراضين ، وإن أحدثت له الحمد والشكر ، كتب في ديوان الشاكرين ، وكان تحتلواء الحمد مع الحمادين ، وإن أحدثت له محبة واشتياقاً إلى لقاء ربه ، كتب فيديوان المحبين المخلصين .
وفي مسند الإمام أحمد والترمذي ، من حديث محمود بن لبيد يرفعه : " إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ،فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط " . زاد أحمد : " ومن جزع فلهالجزع " .

ومن علاجها : أن يعلم أنه وإن بلغ فيالجزع غايته ، فآخر أمره إلى صبر الإضطرار ، وهو غير محمود ولا مثاب ، قال بعضالحكماء : العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام ، ومن لميصبر صبر الكرام ، سلا سلو البهائم . وفي الصحيح مرفوعاً: " الصبر عند الصدمة الأولى " . وقال الأشعث بن قيس : إنك إن صبرتإيماناً واحتساباً ، وإلا سلوت سلو البهائم .
ومن علاجها : أن يعلم أن أنفع الأدويةله موافقة ربه وإلهه فيما أحبه ورضيه له ، وأن خاصية المحبة وسرها موافقة المحبوب، فمن ادعى محبة محبوب ، ثم سخط ما يحبه ، وأحب ما يسخطه ، فقد شهد على نفسه بكذبه، وتمقت إلى محبوبه .
وقال أبو الدرداء : أن الله إذا قضىقضاء ، أحب أن يرضى به ، وكان عمران بن حصين يقول في علته : أحبه إلي أحبه إليه ،وكذلك قال أبو العالية .

وهذا دواء وعلاج لا يعمل إلا معالمحبين ، ولا يمكن كل أحد أن يتعالج به .
ومن علاجها : أن يوازن بين أعظماللذتين والمتعتين ، وأدومهما : لذة تمتعه بما أصيب به ، ولذة تمتعه بثواب الله له، فإن ظهر له الرجحان ، فآثر الراجح ، فليحمد الله على توفيقه ، وإن آثر المرجوحمن كل وجه ، فليعلم أن مصيبته في عقله وقلبه ودينه أعظم من مصيبته التي أصيب بهافي دنياه .
ومن علاجها أن يعلم أن الذي ابتلاهبها أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين ، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به، ولا ليعذبه به ، ولا ليجتاحه ، وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه ،وليسمع تضرعه وابتهاله ، وليراه طريحاً ببابه ، لائذاً بجنابه ، مكسور القلب بينيديه ، رافعاً قصص الشكوى إليه .
قال الشيخ عبد القادر : يا بني ! إنالمصيبة ما جاءت لتهلكك ، وإنما جاءت لتمتحن صبرك وإيمانك ، يا بني ! القدر سبع ،والسبع لا يأكل الميتة .

والمقصود : أن المصيبة كير العبد الذييسبك به حاصله ، فإما أن يخرج ذهباً أحمر ، وإما أن يخرج خبثاً كله ، كما قيل :
سبكناه ونحسبهلجيناً فأبدى الكير عن خبث الحديد
فإن لم ينفعه هذا الكير في الدنيا ،فبين يديه الكير الأعظم ، فإذا علم العبد أن إدخاله كير الدنيا ومسبكها خير له منذلك الكير والمسبك ، وأنه لا بد من أحد الكيرين ، فليعلم قدر نعمة الله عليه فيالكير العاجل .
ومن علاجها : أن يعلم أنه لو لا محنالدنيا ومصائبها ، لأصاب العبد - من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب - ماهو سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً ، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواعمن أدوية المصائب ، تكون حمية له من هذه الأدواء ، وحفظاً لصحة عبوديته ،واستفراغاً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه ، فسبحان من يرحم ببلائه ، ويبتليبنعمائه كما قيل :
قد ينعم بالبلوى وإنعظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
فلو لا أنه - سبحانه - يداوي عبادهبأدوية المحن والإبتلاء ، لطغوا ، وبغوا ، وعتوا ، والله - سبحانه - إذا أراد بعبدخيراً سقاه دواء من الإبتلاء والإمتحان على قدر حاله يستفرغ به من الأدواء المهلكة، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه ، أهله لأشرف مراتب الدنيا ، وهي عبوديته ، وأرفع ثوابالآخرة ، وهو رؤيته وقربه .

ومن علاجها : أن يعلم أن مرارة الدنياهي بعينها حلاوة الآخرة ، يقلبها الله سبحانه كذلك ، وحلاوة الدنيا بعينها مرارةالآخرة ، ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة خير له من عكس ذلك ، فإن خفيعليك هذا ، فانظر إلى قول الصادق المصدوق : " حفت الجنة بالمكاره وحفتالنار بالشهوات " .
وفي هذا المقام تفاوتت عقول الخلائق ،وظهرت حقائق الرجال ، فأكثرهم آثر الحلاوة المنقطعة على الحلاوة الدائمة التي لاتزول ، ولم يحتمل مرارة ساعة لحلاوة الأبد ، ولا ذل ساعة لعز الأبد ، ولا محنةساعة لعافية الأبد ، فإن الحاضر عنده شهادة ، والمنتظر غيب ، والإيمان ضعيف ،وسلطان الشهوة حاكم ، فتولد من ذلك إيثار العاجلة ، ورفض الآخرة ، وهذا حال النظرالواقع على ظواهر الأمور ، وأوائلها ومبادئها ، وأما النظر الثاقب الذي يخرق حجبالعاجلة ، ويجاوزه إلى العواقب والغايات ، فله شأن آخر .
فادع نفسك إلى ما أعد الله لأوليائهوأهل طاعته من النعيم المقيم ، والسعادة الأبدية ، والفوز الأكبر ، وما أعد لأهلالبطالة والإضاعة من الخزي والعقاب والحسرات الدائمة ، ثم اختر أي القسمين أليق بك، وكل يعمل على شاكلته ، وكل أحد يصبو إلى ما يناسبه ، وما هو الأولى به ، ولاتستطل هذا العلاج ، فشدة الحاجة إليه من الطبيب والعليل دعت إلى بسطه ، وباللهالتوفيق .

فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في علاجالكرب والهم والغم والحزن
أخرجا في الصحيحين منحديث ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : " لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا اللهرب السماوات السبع ، ورب الأرض رب العرش الكريم " .
وفي جامع الترمذي عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا حزبه أمر ، قال : " يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث " .
وفيه : عن أبي هريرة ، أن النبي صلىالله عليه وسلم ، كان إذا أهمه الأمر ، رفع طرفه إلى السماء فقال : " سبحانالله العظيم " ، وإذا اجتهد في الدعاء قال : " يا حي يا قيوم " .

وفي سنن أبي داود عن أبيبكرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " دعوات المكروب : اللهم رحمتكأرجو ، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت " .
وفيها أيضاً عن أسماء بنت عميس قالت :قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب، أو في الكرب : الله ربى لا أشرك به شيئاً " . وفي رواية أنها تقال سبع مرات .
وفي مسند الإمام أحمد عنابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أصاب عبداً هم ولا حزنفقال : اللهم إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل فيقضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداًمن خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك : أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ،ونور صدري وجلاء حزني ، وذهاب همي ، إلا أذهب الله حزنه وهمه ، وأبدله مكانه فرحاً " .

وفي الترمذي عن سعد بن أبي وقاص ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطنالحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها رجل مسلم في شئقط إلا استجيب له " .
وفي رواية " إني لأعلم كلمة لايقولها مكروب إلا فرج الله عنه : كلمة أخي يونس " .
وفي سنن أبي داود عن أبيسعيد الخدري ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد ، فإذا هوبرجل من الأنصار يقال له : أبو أمامة ، فقال : " يا أبا أمامة مالي أراك فيالمسجد في غير وقت الصلاة ؟ فقال : هموم لزمتني ، وديون يا رسول الله ، فقال: ألا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى دينك ؟ قال : قلت : بلى يا رسول الله ، قال : قل إذا أصبحت وإذا أمسيت : اللهم إنيأعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل ،وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " ، قال : ففعلت ذلك ، فأذهب الله عز وجلهمى ، وقضى عني ديني .
وفي سنن أبي داود عن ابنعباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لزم الإستغفار ، جعلالله له من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب " .
وفي المسند أن النبي صلىالله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر ، فزع إلى الصلاة ، وقد قال تعالى : "واستعينوا بالصبر والصلاة " [ البقرة : 45 ] .

وفي السنن : "عليكمبالجهاد ، فإنه باب من أبواب الجنة ، يدفع الله به عن النفوس الهم والغم " .
ويذكر عن ابن عباس ، عن النبي صلىالله علي وسلم : " من كثرت همومه وغمومه ، فليكثر من قول : لا حول ولا قوةإلا بالله ".
وثبت في الصحيحين "أنها كنز من كنوز الجنة" .
وفي الترمذي : " أنها باب منأبواب الجنة " .
هذه الأدوية تتضمن خمسة عشر نوعاً منالدواء ، فإن لم تقو على إذهاب داء الهم والغم والحزن ، فهو داء قد استحكم ،وتمكنت أسبابه ، ويحتاج إلى استفراغ كلي .
الأول : توحيد الربوبية .
الثاني : توحيد الإلهية .
الثالث : التوحيد العلمى الإعتقادي .
الرابع : تنزيه الرب تعالى عن أن يظلمعبده ، أو يأخذه بلا سبب من العبد يوجب ذلك .
الخامس : اعتراف العبد بأنه هو الظالم .
السادس : التوسل إلى الرب تعالى بأحبالأشياء ، وهو أسماؤه وصفاته ، ومن أجمعها لمعاني الأسماء والصفات : الحي القيوم .
السابع : الإستعانة به وحده .
الثامن : إقرار العبد له بالرجاء .
التاسع : تحقيق التوكل عليه ،والتفويض إليه ، والإعتراف له بأن ناصيته في يده ، يصرفه كيف يشاء ، وأنه ماض فيهحكمه ، عدل فيه قضاؤه .
العاشر : أن يرتع قلبه في رياض القرآن، ويجعله لقلبه كالربيع للحيوان ، وأن يستضيء به في ظلمات الشبهات واللهوات ، وأنيتسلى به عن كل فائت ، ويتعزى به عن كل مصيبة ، ويستشفي به من أدواء صدره ، فيكونجلاء حزنه ، وشفاء همه وغمه .
خالد براهمه
خالد براهمه
Admin

عدد المساهمات : 558
تاريخ التسجيل : 13/09/2010
العمر : 67

https://doctor-khalid.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى