بحـث
المواضيع الأخيرة
مايو 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
دخول
الطــــــــب النبـــوي الجزء الثاني 5
وأذا مرضت فهو يشفين :: الفئة الأولى :: العلاج بالقرأن الكريم :: علاج السحر واللبس والمس بالقرأن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
الطــــــــب النبـــوي الجزء الثاني 5
فصل
ولما كان للمرض أربعة أحوال : ابتداء ، وصعود ، وانتهاء ،وانحطاط ، تعين على الطبيب مراعاة كل حال من أحوال المرض بما يناسبها ويليق بها ،ويستعمل في كل حال ما يجب استعماله فيها . فإذا رأى في ابتداء المرض أن الطبيعةمحتاجة إلى ما يحرك الفضلات ويستفرغها لنضجها ، بادر إليه ، فإن فاته تحريكالطبيعة في ابتداء المرض لعائق منع من ذلك ، أو لضعف القوة وعدم احتمالهاللإستفراغ ، أو لبرودة الفصل ، أو لتفريط وقع ، فينبغي أن يحذر كل الحذر أن يفعلذلك في صعود المرض ، لأنه إن فعله ، تحيرت الطبيعة لاشتغالها بالدواء ، وتخلت عنتدبير المرض ومقاومته بالكلية ، ومثاله : أن يجيء إلى فارس مشغول بمواقعة عدوه ،فيشغله عنه بأمر آخر ، ولكن الواجب في هذه الحال أن يعين الطبيعة على حفظ القوة ماأمكنه .
فإذا انتهى المرض ووقف وسكن ، أخذ في استفراغه ، واستئصالأسبابه ، فإذا أخذ في الإنحطاط ، كان أولى بذلك . ومثال هذا مثال العدو إذا انتهتقوته ، وفرغ سلاحه ، كان أخذه سهلاً ، فإذا ولى وأخذ في الهرب ، كان أسهل أخذاً ،وحدته وشوكته إنما هي في ابتدائه ، وحال استفراغه ، وسمعة قوته ، فهكذا الداء ،والدواء سواء .
فصل
ومن حذق الطبيب أنه حيث أمكن التدبير بالأسهل ، فلا يعدل إلىالأصعب ، ويتدرج من الأضعف إلى الأقوى إلا أن يخاف فوت القوة حينئذ ، فيجب أنيبتدئ بالأقوى ، ولا يقيم في المعالجة على حال واحدة فتألفها الطبيعة ، ويقلانفعالها عنه ، ولا تجسر على الأدوية القوية في الفصول القوية ، وقد تقدم أنه إذاأمكنه العلاج بالغذاء ، فلا يعالج بالدواء ، وإذا أشكل عليه المرض أحار هو أم بارد؟ فلا يقدم حتى يتبين له ، ولا يجربه بما يخاف عاقبته ، ولا بأس بتجربته بما لايضر أثره .
وإذا اجتمعت أمراض ، بدأ بما تخصه واحدة من ثلاث خصال : إحداها: أن يكون برء الآخر موقوفاً على برئه كالورم والقرحة ، فإنه يبدأ بالورم .
الثانية : أن يكون أحدها سبباً للآخر ، كالسدة والحمى العفنة ،فإنه يبدأ بإزالة السبب .
الثالثة : أن يكون أحدهما أهم من الآخر ، كالحاد والمزمن ،فيبدأ بالحاد ، ومع هذا فلا يغفل عن الآخر . وإذا اجتمع المرض والعرض ، بدأ بالمرض، إلا أن يكون العرض أقوى كالقولنج ، فيسكن الوجع أولاً ، ثم يعالج السدة ، وإذاأمكنه أن يعتاض عن المعالجة بالإستفراغ بالجوع أو الصوم أو النوم ، لم يستفرغه ،وكل صحة أراد حفظها ، حفظها بالمثل أو الشبه ، وإن أراد نقلها إلى ما هو أفضل منها، نقلها بالضد .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في التحرز من الأدواء المعديةبطبعها وإرشاده الأصحاء إلى مجانبة أهلها
ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله ، أنهكان في وفد ثقيف رجل مجذوم ، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم : " ارجعفقد بايعناك " .
وروى البخاري في صحيحه تعليقاً من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " فر من المجذوم كما تفر من الأسد" .
وفي سنن ابن ماجه من حديث ابن عباس ، أن النبي صلىالله عليه وسلم قال : " لا تديموا النظر إلى المجذومين " .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ، قال : قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : " لا يوردن ممرض على مصح " .
ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم : " كلم المجذوم ، وبيكوبينه قيد رمح أو رمحين " .
الجذام : علة رديئة تحدث من انتشار المرة السوداء في البدن كله، فيفسد مزاج الأعضاء وهيئتها وشكلها ، وربما فسد في آخره اتصالها حتى تتأكلالأعضاء وتسقط ، ويسمى داء الأسد .
وفي هذه التسمية ثلاثة أقوال للأطباء : أحدها : أنها لكثرة ماتعتري الأسد .
والثاني : لأن هذه العلة تجهم وجه صاحبها وتجعله في سحنة الأسد.
والثالث : أنه يفترس من يقربه ، أو يدنو منه بدائه افتراسالأسد .
وهذه العلة عند الأطباء من العلل المعدية المتوارثة ، ومقاربالمجذوم ، وصاحب السل يسقم برائحته ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لكمال شفقته علىالأمة ، ونصحه لهم نهاهم عن الأسباب التي تعرضهم لوصول العيب والفساد إلى أجسامهموقلوبهم ، ولا ريب أنه قد يكون في البدن تهيؤ واستعداد كامن لقبول هذا الداء ، وقدتكون الطبيعة سريعة الإنفعال قابلة للإكتساب من أبدان من تجاوره وتخالطه ، فإنهانقالة ، وقد يكون خوفها من ذلك ووهمها من أكبر أسباب إصابة تلك العلة لها ، فإنالوهم فعال مستول على القوى والطبائع ، وقد تصل رائحة العليل إلى الصحيح فتسقمه ،وهذا معاين في بعض الأمراض ، والرائحة أحد أسباب العدوى ، ومع هذا كله فلا بد منوجود استعداد البدن وقبوله لذلك الداء ، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة، فلما أراد الدخول بها ، وجد بكشحها بياضاً ، فقال : " الحقي بأهلك " .
وقد ظن طائفة من الناس أن هذه الأحاديث معارضة بأحاديث أخرتبطلها وتناقضها ، فمنها : ما رواه الترمذي ، من حديث جابر ، أن رسول الله صلىالله عليه وسلم أخذ بيد رجل مجذوم ، فأدخلها معه في القصعة ، وقال : " كل بسمالله ثقة بالله ، وتوكلاً عليه " ، ورواه ابن ماجه .
وبما ثبت في الصحيح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلىالله عليه وسلم أنه قال : " لا عدوى ولا طيرة " .
ونحن نقول : لا تعارض بحمد الله بين أحاديثه الصحيحة . فإذاوقع التعارض ، فإما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم وقد غلطفيه بعض الرواة مع كونه ثقة ثبتاً ، فالثقة يغلظ ، أو يكون أحد الحديثين ناسخاًللآخر إذا كان مما يقبل النسخ ، أو يكون التعارض في فهم السامع ، لا في نفس كلامهصلى الله عليه وسلم ، فلا بد من وجه من هذه الوجوه الثلاثة .
وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ، ليس أحدهماناسخاً للآخر ، فهذا لا يوجد أصلاً ، ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوقالذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق ، والآفة من التقصير في معرفة المنقول ،والتمييز بين صحيحه ومعلوله ، أو من القصور في فهم مراده صلى الله عليه وسلموحمل كلامه على غير ما عناه به ، أو منهما معاً ، ومن ها هنا وقع من الإختلافوالفساد ما وقع ، وبالله التوفيق .
قال ابن قتيبة في كتاب اختلاف الحديث له حكاية عنأعداء الحديث وأهله ، قالوا : حديثان متناقضان رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال : " لا عدوى ولا طيرة " . وقيل له : إن النقبة تقع بمشفر البعير، فيجرب لذلك الإبل . قال : " فما أعدى الأول " ، ثم رويتم " لايورد ذو عاهة على مصح ، وفر من المجدوم فرارك من الأسد " ، وأتاه رجل مجذومليبايعه بيعة الإسلام ، فأرسل إليه البيعة ، وأمره بالإنصراف ، ولم يأذن له ، وقال: " الشؤم في المرأة والدار والدابة " . قالوا : وهذا كله مختلف لا يشبهبعضه بعضاً .
قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس في هذا اختلاف ، ولكل معنىمنها وقت وموضع ، فإذا وضع موضعه زال الإختلاف .
والعدوى جنسان : أحدهما : عدوى الجذام ، فإن المجذوم تشتدرائحته حتى يسقم من أطال مجالسته ومحادثته ، وكذلك المرأة تكون تحت المجذوم ،فتضاجعه في شعار واحد ، فيوصل إليها الأذى ، وربما جذمت ، وكذلك ولده ينزعون فيالكبر إليه ، وكذلك من كان به سل ودق ونقب . والأطباء تأمر أن لا يجالس المسلول ولاالمجذوم ، ولا يريدون بذلك معنى العدوى ، وإنما يريدون به معنى تغير الرائحة ،وأنها قد تسقم من أطال اشتمامها ، والأطباء أبعد الناس عن الايمان بيمن وشؤم ،وكذلك النقبة تكون بالبعير - وهو جرب رطب - فإذا خالط الإبل أو حاكها ، وأوى فيمباركها ، وصل إليها بالماء الذي يسيل منه ، وبالنطف نحو ما به ، فهذا هو المعنىالذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يورد ذو عاهة على مصح " ،كره أن يخالط المعيوه الصحيح ، لئلا يناله من نطفه وحكته نحو مما به .
قال : وأما الجنس الآخر من العدوى ، فهو الطاعون ينزل ببلد ،فيخرج منه خوف العدوى ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إذا وقع ببلد ، وأنتمبه ، فلا تخرجوا منه ، وإذا كان ببلد ، فلا تدخلوه " يريد بقوله : لا تخرجوامن البلد إذا كان فيه كأنكم تظنون أن الفرار من قدر الله ينجيكم من الله ، ويريدإذا كان ببلد ، فلا تدخلوه ، أي : مقامكم في الموضع الذي لا طاعون فيه أسكنلقلوبكم ، وأطيب لعيشكم ، ومن ذلك المرأة تعرف بالشؤم أو الدار ، فينال الرجلمكروه أو جائحة ، فيقول : أعدتني بشؤمها ، فهذا هو العدوى الذي قال فيه رسول اللهصلى الله عليه وسلم : " لا عدوى " .
وقالت فرقة أخرى : بل الأمر باجتناب المجذوم والفرار منه علىالإستحباب ، والإختيار ، والإرشاد ، وأما الأكل معه ، ففعله لبيان الجواز ، وأنهذا ليس بحرام .
وقالت فرقة أخرى : بل الخطاب بهذين الخطابين جزئي لا كلي ، فكلواحد خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بما يليق بحاله ، فبعض الناس يكون قويالإيمان ، قوي التوكل تدفع قوة توكله قوة العدوى ، كما تدفع قوة الطبيعة قوة العلةفتبطلها ، وبعض الناس لا يقوى على ذلك ، فخاطبه بالإحتياط والأخذ بالتحفظ ، وكذلكهو صلى الله عليه وسلم فعل الحالتين معاً ، لتقتدي به الأمة فيهما ، فيأخذ من قويمن أمته بطريقة التوكل والقوة والثقة بالله ، ويأخذ من ضعف منهم بطريقة التحفظوالإحتياط ، وهما طريقان صحيحان . أحدهما : للمؤمن القوي ، والآخر للمؤمن الضعيف ،فتكون لكل واحد من الطائفتين حجة وقدوة بحسب حالهم وما يناسبهم ، وهذا كما أنه صلىالله عليه وسلم كوى ، وأثنى على تارك الكي ، وقرن تركه بالتوكل ، وترك الطيرة ،ولهذا نظائر كثيرة ، وهذه طريقة لطيفة حسنة جداً من أعطاها حقها ، ورزق فقه
نفسه فيها ، أزالت عنه تعارضاً كثيراً يظنه بالسنة الصحيحة .
وذهبت فرقة أخرى إلى أن الأمر بالفرار منه ، ومجانبته لأمرطبيعي ، وهو انتقال الداء منه بواسطة الملامسة والمخالطة والرائحة إلى الصحيح ،وهذا يكون مع تكرير المخالطة والملامسة له ، وأما أكله معه مقداراً يسيراً منالزمان لمصلحة راجحة ، فلا بأس به ، ولا تحصل العدوى من مرة واحدة ولحظة واحدة ،فنهى سداً للذريعة ، وحماية للصحة ، وخالطه مخالطة ما للحاجة والمصلحة ، فلا تعارضبين الأمرين .
وقالت طائفة أخرى : يجوز أن يكون هذا المجذوم الذي أكل معه بهمن الجذام أمر يسير لا يعدي مثله ، وليس الجذمى كلهم سواء، ولا العدوى حاصلة منجميعهم ، بل منهم من لا تضر مخالطته ، ولا تعدي ، وهو من أصابه من ذلك شئ يسير ،ثم وقف واستمر على حاله ، ولم يعد بقية جسمه ، فهو أن لا يعدي غيره أولى وأحرى .
وقالت فرقة أخرى : إن الجاهلية كانت تعتقد أن الأمراض المعديةتعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله سبحانه ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلماعتقادهم ذلك ، وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله سبحانه هو الذي يمرض ويشفي ،ونهى عن القرب منه ليتبين لهم أن هذا من الأسباب التي جعلها الله مفضية إلىمسبباتها ، ففي نهيه إثبات الأسباب ، وفي فعله بيان أنها لا تستقل بشئ ، بل الربسبحانه إن شاء سلبها قواها ، فلا تؤثر شيئاً ، وإن شاء أبقى عليها قواها فأثرت .
وقالت فرقة أخرى : بل هذه الأحاديث فيها الناسخ والمنسوخ ،فينظر في تاريخها ، فإن علم المتأخر منها ، حكم بأنه الناسخ ، وإلا توقفنا فيها .
وقالت فرقة أخرى : بل بعضها محفوظ ، وبعضها غير محفوظ ، وتكلمتفي حديث لا عدوى ، وقالت : قد كان أبو هريرة يرويه أولاً ، ثم شك فيهفتركه ، وراجعوه فيه ، وقالوا : سمعناك تحدث به ، فأبى أن يحدث به .
قال أبو سلمة : فلا أدري ، أنسي أبو هريرة ، أم نسخ أحدالحديثين الآخر ؟
وأما حديث جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم ،فأدخلها معه في القصعة ، فحديث لا يثبت ولا يصح ، وغاية ما قال فيه الترمذي : إنهغريب ، لم يصححه ولم يحسنه . وقد قال شعبة وغيره : اتقوا هذه الغرائب . قالالترمذي : ويروى هذا من فعل عمر ، وهو أثبت ، فهذا شأن هذين الحديثي
ولما كان للمرض أربعة أحوال : ابتداء ، وصعود ، وانتهاء ،وانحطاط ، تعين على الطبيب مراعاة كل حال من أحوال المرض بما يناسبها ويليق بها ،ويستعمل في كل حال ما يجب استعماله فيها . فإذا رأى في ابتداء المرض أن الطبيعةمحتاجة إلى ما يحرك الفضلات ويستفرغها لنضجها ، بادر إليه ، فإن فاته تحريكالطبيعة في ابتداء المرض لعائق منع من ذلك ، أو لضعف القوة وعدم احتمالهاللإستفراغ ، أو لبرودة الفصل ، أو لتفريط وقع ، فينبغي أن يحذر كل الحذر أن يفعلذلك في صعود المرض ، لأنه إن فعله ، تحيرت الطبيعة لاشتغالها بالدواء ، وتخلت عنتدبير المرض ومقاومته بالكلية ، ومثاله : أن يجيء إلى فارس مشغول بمواقعة عدوه ،فيشغله عنه بأمر آخر ، ولكن الواجب في هذه الحال أن يعين الطبيعة على حفظ القوة ماأمكنه .
فإذا انتهى المرض ووقف وسكن ، أخذ في استفراغه ، واستئصالأسبابه ، فإذا أخذ في الإنحطاط ، كان أولى بذلك . ومثال هذا مثال العدو إذا انتهتقوته ، وفرغ سلاحه ، كان أخذه سهلاً ، فإذا ولى وأخذ في الهرب ، كان أسهل أخذاً ،وحدته وشوكته إنما هي في ابتدائه ، وحال استفراغه ، وسمعة قوته ، فهكذا الداء ،والدواء سواء .
فصل
ومن حذق الطبيب أنه حيث أمكن التدبير بالأسهل ، فلا يعدل إلىالأصعب ، ويتدرج من الأضعف إلى الأقوى إلا أن يخاف فوت القوة حينئذ ، فيجب أنيبتدئ بالأقوى ، ولا يقيم في المعالجة على حال واحدة فتألفها الطبيعة ، ويقلانفعالها عنه ، ولا تجسر على الأدوية القوية في الفصول القوية ، وقد تقدم أنه إذاأمكنه العلاج بالغذاء ، فلا يعالج بالدواء ، وإذا أشكل عليه المرض أحار هو أم بارد؟ فلا يقدم حتى يتبين له ، ولا يجربه بما يخاف عاقبته ، ولا بأس بتجربته بما لايضر أثره .
وإذا اجتمعت أمراض ، بدأ بما تخصه واحدة من ثلاث خصال : إحداها: أن يكون برء الآخر موقوفاً على برئه كالورم والقرحة ، فإنه يبدأ بالورم .
الثانية : أن يكون أحدها سبباً للآخر ، كالسدة والحمى العفنة ،فإنه يبدأ بإزالة السبب .
الثالثة : أن يكون أحدهما أهم من الآخر ، كالحاد والمزمن ،فيبدأ بالحاد ، ومع هذا فلا يغفل عن الآخر . وإذا اجتمع المرض والعرض ، بدأ بالمرض، إلا أن يكون العرض أقوى كالقولنج ، فيسكن الوجع أولاً ، ثم يعالج السدة ، وإذاأمكنه أن يعتاض عن المعالجة بالإستفراغ بالجوع أو الصوم أو النوم ، لم يستفرغه ،وكل صحة أراد حفظها ، حفظها بالمثل أو الشبه ، وإن أراد نقلها إلى ما هو أفضل منها، نقلها بالضد .
فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في التحرز من الأدواء المعديةبطبعها وإرشاده الأصحاء إلى مجانبة أهلها
ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله ، أنهكان في وفد ثقيف رجل مجذوم ، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم : " ارجعفقد بايعناك " .
وروى البخاري في صحيحه تعليقاً من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " فر من المجذوم كما تفر من الأسد" .
وفي سنن ابن ماجه من حديث ابن عباس ، أن النبي صلىالله عليه وسلم قال : " لا تديموا النظر إلى المجذومين " .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ، قال : قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : " لا يوردن ممرض على مصح " .
ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم : " كلم المجذوم ، وبيكوبينه قيد رمح أو رمحين " .
الجذام : علة رديئة تحدث من انتشار المرة السوداء في البدن كله، فيفسد مزاج الأعضاء وهيئتها وشكلها ، وربما فسد في آخره اتصالها حتى تتأكلالأعضاء وتسقط ، ويسمى داء الأسد .
وفي هذه التسمية ثلاثة أقوال للأطباء : أحدها : أنها لكثرة ماتعتري الأسد .
والثاني : لأن هذه العلة تجهم وجه صاحبها وتجعله في سحنة الأسد.
والثالث : أنه يفترس من يقربه ، أو يدنو منه بدائه افتراسالأسد .
وهذه العلة عند الأطباء من العلل المعدية المتوارثة ، ومقاربالمجذوم ، وصاحب السل يسقم برائحته ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لكمال شفقته علىالأمة ، ونصحه لهم نهاهم عن الأسباب التي تعرضهم لوصول العيب والفساد إلى أجسامهموقلوبهم ، ولا ريب أنه قد يكون في البدن تهيؤ واستعداد كامن لقبول هذا الداء ، وقدتكون الطبيعة سريعة الإنفعال قابلة للإكتساب من أبدان من تجاوره وتخالطه ، فإنهانقالة ، وقد يكون خوفها من ذلك ووهمها من أكبر أسباب إصابة تلك العلة لها ، فإنالوهم فعال مستول على القوى والطبائع ، وقد تصل رائحة العليل إلى الصحيح فتسقمه ،وهذا معاين في بعض الأمراض ، والرائحة أحد أسباب العدوى ، ومع هذا كله فلا بد منوجود استعداد البدن وقبوله لذلك الداء ، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة، فلما أراد الدخول بها ، وجد بكشحها بياضاً ، فقال : " الحقي بأهلك " .
وقد ظن طائفة من الناس أن هذه الأحاديث معارضة بأحاديث أخرتبطلها وتناقضها ، فمنها : ما رواه الترمذي ، من حديث جابر ، أن رسول الله صلىالله عليه وسلم أخذ بيد رجل مجذوم ، فأدخلها معه في القصعة ، وقال : " كل بسمالله ثقة بالله ، وتوكلاً عليه " ، ورواه ابن ماجه .
وبما ثبت في الصحيح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلىالله عليه وسلم أنه قال : " لا عدوى ولا طيرة " .
ونحن نقول : لا تعارض بحمد الله بين أحاديثه الصحيحة . فإذاوقع التعارض ، فإما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم وقد غلطفيه بعض الرواة مع كونه ثقة ثبتاً ، فالثقة يغلظ ، أو يكون أحد الحديثين ناسخاًللآخر إذا كان مما يقبل النسخ ، أو يكون التعارض في فهم السامع ، لا في نفس كلامهصلى الله عليه وسلم ، فلا بد من وجه من هذه الوجوه الثلاثة .
وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ، ليس أحدهماناسخاً للآخر ، فهذا لا يوجد أصلاً ، ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوقالذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق ، والآفة من التقصير في معرفة المنقول ،والتمييز بين صحيحه ومعلوله ، أو من القصور في فهم مراده صلى الله عليه وسلموحمل كلامه على غير ما عناه به ، أو منهما معاً ، ومن ها هنا وقع من الإختلافوالفساد ما وقع ، وبالله التوفيق .
قال ابن قتيبة في كتاب اختلاف الحديث له حكاية عنأعداء الحديث وأهله ، قالوا : حديثان متناقضان رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال : " لا عدوى ولا طيرة " . وقيل له : إن النقبة تقع بمشفر البعير، فيجرب لذلك الإبل . قال : " فما أعدى الأول " ، ثم رويتم " لايورد ذو عاهة على مصح ، وفر من المجدوم فرارك من الأسد " ، وأتاه رجل مجذومليبايعه بيعة الإسلام ، فأرسل إليه البيعة ، وأمره بالإنصراف ، ولم يأذن له ، وقال: " الشؤم في المرأة والدار والدابة " . قالوا : وهذا كله مختلف لا يشبهبعضه بعضاً .
قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس في هذا اختلاف ، ولكل معنىمنها وقت وموضع ، فإذا وضع موضعه زال الإختلاف .
والعدوى جنسان : أحدهما : عدوى الجذام ، فإن المجذوم تشتدرائحته حتى يسقم من أطال مجالسته ومحادثته ، وكذلك المرأة تكون تحت المجذوم ،فتضاجعه في شعار واحد ، فيوصل إليها الأذى ، وربما جذمت ، وكذلك ولده ينزعون فيالكبر إليه ، وكذلك من كان به سل ودق ونقب . والأطباء تأمر أن لا يجالس المسلول ولاالمجذوم ، ولا يريدون بذلك معنى العدوى ، وإنما يريدون به معنى تغير الرائحة ،وأنها قد تسقم من أطال اشتمامها ، والأطباء أبعد الناس عن الايمان بيمن وشؤم ،وكذلك النقبة تكون بالبعير - وهو جرب رطب - فإذا خالط الإبل أو حاكها ، وأوى فيمباركها ، وصل إليها بالماء الذي يسيل منه ، وبالنطف نحو ما به ، فهذا هو المعنىالذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يورد ذو عاهة على مصح " ،كره أن يخالط المعيوه الصحيح ، لئلا يناله من نطفه وحكته نحو مما به .
قال : وأما الجنس الآخر من العدوى ، فهو الطاعون ينزل ببلد ،فيخرج منه خوف العدوى ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إذا وقع ببلد ، وأنتمبه ، فلا تخرجوا منه ، وإذا كان ببلد ، فلا تدخلوه " يريد بقوله : لا تخرجوامن البلد إذا كان فيه كأنكم تظنون أن الفرار من قدر الله ينجيكم من الله ، ويريدإذا كان ببلد ، فلا تدخلوه ، أي : مقامكم في الموضع الذي لا طاعون فيه أسكنلقلوبكم ، وأطيب لعيشكم ، ومن ذلك المرأة تعرف بالشؤم أو الدار ، فينال الرجلمكروه أو جائحة ، فيقول : أعدتني بشؤمها ، فهذا هو العدوى الذي قال فيه رسول اللهصلى الله عليه وسلم : " لا عدوى " .
وقالت فرقة أخرى : بل الأمر باجتناب المجذوم والفرار منه علىالإستحباب ، والإختيار ، والإرشاد ، وأما الأكل معه ، ففعله لبيان الجواز ، وأنهذا ليس بحرام .
وقالت فرقة أخرى : بل الخطاب بهذين الخطابين جزئي لا كلي ، فكلواحد خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بما يليق بحاله ، فبعض الناس يكون قويالإيمان ، قوي التوكل تدفع قوة توكله قوة العدوى ، كما تدفع قوة الطبيعة قوة العلةفتبطلها ، وبعض الناس لا يقوى على ذلك ، فخاطبه بالإحتياط والأخذ بالتحفظ ، وكذلكهو صلى الله عليه وسلم فعل الحالتين معاً ، لتقتدي به الأمة فيهما ، فيأخذ من قويمن أمته بطريقة التوكل والقوة والثقة بالله ، ويأخذ من ضعف منهم بطريقة التحفظوالإحتياط ، وهما طريقان صحيحان . أحدهما : للمؤمن القوي ، والآخر للمؤمن الضعيف ،فتكون لكل واحد من الطائفتين حجة وقدوة بحسب حالهم وما يناسبهم ، وهذا كما أنه صلىالله عليه وسلم كوى ، وأثنى على تارك الكي ، وقرن تركه بالتوكل ، وترك الطيرة ،ولهذا نظائر كثيرة ، وهذه طريقة لطيفة حسنة جداً من أعطاها حقها ، ورزق فقه
نفسه فيها ، أزالت عنه تعارضاً كثيراً يظنه بالسنة الصحيحة .
وذهبت فرقة أخرى إلى أن الأمر بالفرار منه ، ومجانبته لأمرطبيعي ، وهو انتقال الداء منه بواسطة الملامسة والمخالطة والرائحة إلى الصحيح ،وهذا يكون مع تكرير المخالطة والملامسة له ، وأما أكله معه مقداراً يسيراً منالزمان لمصلحة راجحة ، فلا بأس به ، ولا تحصل العدوى من مرة واحدة ولحظة واحدة ،فنهى سداً للذريعة ، وحماية للصحة ، وخالطه مخالطة ما للحاجة والمصلحة ، فلا تعارضبين الأمرين .
وقالت طائفة أخرى : يجوز أن يكون هذا المجذوم الذي أكل معه بهمن الجذام أمر يسير لا يعدي مثله ، وليس الجذمى كلهم سواء، ولا العدوى حاصلة منجميعهم ، بل منهم من لا تضر مخالطته ، ولا تعدي ، وهو من أصابه من ذلك شئ يسير ،ثم وقف واستمر على حاله ، ولم يعد بقية جسمه ، فهو أن لا يعدي غيره أولى وأحرى .
وقالت فرقة أخرى : إن الجاهلية كانت تعتقد أن الأمراض المعديةتعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله سبحانه ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلماعتقادهم ذلك ، وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله سبحانه هو الذي يمرض ويشفي ،ونهى عن القرب منه ليتبين لهم أن هذا من الأسباب التي جعلها الله مفضية إلىمسبباتها ، ففي نهيه إثبات الأسباب ، وفي فعله بيان أنها لا تستقل بشئ ، بل الربسبحانه إن شاء سلبها قواها ، فلا تؤثر شيئاً ، وإن شاء أبقى عليها قواها فأثرت .
وقالت فرقة أخرى : بل هذه الأحاديث فيها الناسخ والمنسوخ ،فينظر في تاريخها ، فإن علم المتأخر منها ، حكم بأنه الناسخ ، وإلا توقفنا فيها .
وقالت فرقة أخرى : بل بعضها محفوظ ، وبعضها غير محفوظ ، وتكلمتفي حديث لا عدوى ، وقالت : قد كان أبو هريرة يرويه أولاً ، ثم شك فيهفتركه ، وراجعوه فيه ، وقالوا : سمعناك تحدث به ، فأبى أن يحدث به .
قال أبو سلمة : فلا أدري ، أنسي أبو هريرة ، أم نسخ أحدالحديثين الآخر ؟
وأما حديث جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم ،فأدخلها معه في القصعة ، فحديث لا يثبت ولا يصح ، وغاية ما قال فيه الترمذي : إنهغريب ، لم يصححه ولم يحسنه . وقد قال شعبة وغيره : اتقوا هذه الغرائب . قالالترمذي : ويروى هذا من فعل عمر ، وهو أثبت ، فهذا شأن هذين الحديثي
وأذا مرضت فهو يشفين :: الفئة الأولى :: العلاج بالقرأن الكريم :: علاج السحر واللبس والمس بالقرأن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين مارس 16, 2015 7:49 pm من طرف خالد براهمه
» علاج السرطان بالأعشاب خلال اربعة اسابيع
الإثنين مارس 16, 2015 7:35 pm من طرف خالد براهمه
» الفستق مقوى جنسي نسبة 51%
الخميس نوفمبر 28, 2013 7:37 pm من طرف خالد براهمه
» اسماء الأعشاب
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:35 am من طرف حسين العنوز
» آيات الشفاء في القرآن
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:30 am من طرف حسين العنوز
» اضطرابات الغدة الدرقية وعلاجها
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:29 am من طرف حسين العنوز
» رقية للعقـم والإســـقاط
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:28 am من طرف حسين العنوز
» مرضى السكري
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز
» اظفـــــــار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز