بحـث
المواضيع الأخيرة
مايو 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
دخول
الطــــب النبــوي من كتـاب زاد المعـاد الجـزء الأول5
وأذا مرضت فهو يشفين :: الفئة الأولى :: العلاج بالقرأن الكريم :: علاج السحر واللبس والمس بالقرأن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
الطــــب النبــوي من كتـاب زاد المعـاد الجـزء الأول5
فصل
وأما اختيار أيام الأسبوع للحجامة ، فقال الخلالفي جامعه : أخبرنا حرب بن إسماعيل ، قال : قلت لأحمد : تكره الحجامةفي شء من الأيام ؟ قال : قد جاء في الأربعاء والسبت .
وفيه : عن الحسين بن حسان ، أنه سأل أبا عبد اللهعن الحجامة : أي يوم تكره ؟ فقال : في يوم السبت ، ويوم الأربعاء ، ويقولون : يومالجمعة .
وروى الخلال ، عن أبي سلمة وأبي سعيد المقبري ، عنأبي هريرة مرفوعاً : " من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت ، فأصابه بياض أوبرص ، فلا يلومن إلا نفسه " .
وقال الخلال : أخبرنا محمد بن علي بن جعفر ، أنيعقوب بن بختان حدثهم ، قال : سئل أحمد عن النورة والحجامة يوم السبت ويومالأربعاء ؟ فكرهها . وقال : بلغني عن رجل أنه تنور ، واحتجم يعني يوم الأربعاء ،فأصابه البرص . قلت له : كأنه تهاون بالحديث ؟ قال : نعم .
وفي كتاب الأفراد للدارقطني ، من حديثنافع قال : قال لي عبد الله بن عمر : تبيغ بي الدم ، فابغ لي حجاماً ، ولا يكنصبياً ولا شيخاً كببراً ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "الحجامة تزيد الحافظ حفظاً ، والعاقل عقلاً ، فاحتجموا على اسم الله تعالى ، ولاتحتجموا الخميس ، والجمعة ، والسبت ، والأحد ، واحتجموا الإثنين ، وما كان من جذامولا برص ، إلا نزل يوم الأربعاء " . قال الدارقطني : تفرد به زياد بن يحيى ،وقد رواه أيوب عن نافع ، وقال فيه : " واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء ، ولاتحتجموا يوم الأربعاء " .
وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبيبكرة ، أنه كان يكره الحجامة يوم الثلاثاء ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : " يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ فيها الدم " .
***
فصل
وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ،واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحال ، وجواز احتجام المحرم، وإن آل إلى قطع شئ من الشعر ، فإن ذلك جائز . وفي وجوب الفدية عليه نظر ، ولايقوى الوجوب ، وجواز احتجام الصائم ، فإن في صحيح البخاري أن رسولالله صلى الله عليه وسلم : " احتجم وهو صائم " . ولكن هل يفطر بذلك ، أملا ؟ مسألة أخرى ، الصواب : الفطر بالحجامة ، لصحته عن رسول الله صلى الله عليهوسلم من غير معارض ، وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم ، ولكن لا يدل على عدمالفطر إلا بعد أربعة أمور . أحدها : أن الصوم كان فرضاً . الثاني : أنه كان مقيماً. الثالث : أنه لم يكن به مرض احتاج معه إلى الحجامة . الرابع : أن هذا الحديثمتأخر عن قوله : " أفطر الحاجم والمحجوم " .
فإذا ثبتت هذه المقدمات الأربع ، أمكن الإستدلالبفعله صلى الله عليه وسلم على بقاء الصوم مع الحجامة ، وإلا فما المانع أن يكونالصوم نفلاً يجوز الخروج منه بالحجامة وغيرها ، أو من رمضان لكنه في السفر ، أو منرمضان في الحضر ، لكن دعت الحاجة إليها كما تدعو حاجة من به مرض إلى الفطر ، أويكون فرضاً من رمضان في الحضر من غير حاجة إليها ، لكنه مبقى على الأصل . وقوله :" أفطر الحاجم والمحجوم " ، ناقل ومتأخر ، فيتعين المصير إليه ، ولاسبيل إلى إثبات واحدة من هذه المقدمات الأربع ، فكيف بإثباتها كلها .
وفيها دليل على استئجار الطبيب وغيره من غير عقدإجازة ، بل يعطيه أجرة المثل ، أو ما يرضيه .
وفيها دليل على جواز التكسب بصناعة الحجامة ، وإنكان لا يطيب للحر أكل أجرته من غير تحريم عليه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلمأعطاه أجره ، ولم يمنعه من أكله ، وتسميته إياه خبيثاً كتسميته للثوم والبصلخبيثين ، ولم يلزم من ذلك تحريمهما .
وفيها دليل على جواز ضرب الرجل الخراج على عبده كليوم شيئاً معلوماً بقدر طاقته ، وأن العبد أن يتصرف فيما زاد على خراجه ، ولومنع من التصرف ، لكان كسبه كله خراجاً ولم يكن لتقديره فائدة ، بل ما زاد علىخراجه ، فهو تمليك من سيده له يتصرف فيه كما أراد ، والله أعلم .
***
فصل
في هديه صلى الله عليهوسلم في قطع العروق والكي
ثبت في الصحيح من حديث جابر بن عبدالله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبي بن كعب طبيباً ، فقطع له عرقاًوكواه عليه .
ولما رمي سعد بن معاذ في أكحله حسمه النبي صلى اللهعليه وسلم ثم ورمت ، فحسمه الثانية . والحسم : هو الكي .
وفي طريق آخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كوىسعد بن معاذ في أكحله بمشقص ، ثم حسمه سعد بن معاذ أو غيره من أصحابه .
وفي لفظ آخر : أن رجلاً من الأنصار رمي في أكحلهبمشقص ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فكوي .
وقال أبو عبيد : وقد أتي النبي صلى الله عليه وسلمبرجل نعت له الكي ، فقال : " اكووه وارضفوه " . قال أبو عبيد : الرضف:الحجارة تسخن ، ثم يكمد بها .
وقال الفضل بن دكين : حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير، عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كواه في أكحله .
وفي صحيح البخاري من حديث أنس ، أنهكوي من ذات الجنب والنبى صلى الله عليه وسلم حي .
وفي الترمذي ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليهوسلم : " كوى أسعد بن زرارة من الشوكة " ، وقد تقدم الحديث المتفق عليهوفيه " وما أحب أن أكتوي " وفي لفظ آخر : " وأنا أنهى أمتي عن الكي" .
وفي جامع الترمذي وغيره عن عمران بنحصين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي قال : فابتلينا فاكتوينا فماأفلحنا ، ولا أنجحنا . وفي لفظ : نهينا عن الكي وقال : فما أفلحن ولا أنجحن .
قال الخطابي : إنما كوى سعداً ليرقأ الدم من جرحه ،وخاف عليه أن ينزف فيهلك . والكي مستعمل في هذا الباب ، كما يكوى من تقطع يده أورجله .
وأما النهي عن الكي ، فهو أن يكتوي طلباً للشفاء ،وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو ، هلك ، فنهاهم عنه لأجل هذه النية .
وقيل : إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة ، لأنه كانبه ناصور ، وكان موضعه خطراً ، فنهاه عن كيه ، فيشبه أن يكون النهي منصرفاً إلىالموضع المخوف منه ، والله أعلم .
وقال ابن قتيبة : الكي جنسان : كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه : لم يتوكل من اكتوى ، لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه .
والثاني : كي الجرح إذا نغل ، والعضو إذا قطع ، ففيهذا الشفاء .
وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجع ،ويجوز أن لا ينجع ، فإنه إلى الكراهة أقرب . انتهى .
وثبت في الصحيح في حديث السبعين ألفاًالذين يدخلون الجنة بغير حساب "أنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ".
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع ، أحدها : فعله، والثاني : عدم محبته له ، والثالث : الثناء على من تركه ، والرابع : النهي عنه ،ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى ، فإن فعله يدل على جوازه ، وعدم محبته له لا يدلعلى المنع منه . وأما الثناء على تاركه ، فيدل على أن تركه أولى وأفضل . وأماالنهي عنه ، فعلى سبيل الإختيار والكراهة ، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه ، بليفعل خوفاً من حدوث الداء ، والله أعلم .
***
فصل
في هديه صلى الله عليهوسلم في علاج الصرع
أخرجا في الصحيحين من حديث عطاء بن أبيرباح ، قال : قال ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى . قال : هذهالمرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع ، وإني أتكشف ،فادع الله لي ، فقال : " إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله لك أنيعافيك ، فقالت : أصبر . قالت : فإني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف ، فدعالها" .
قلت : الصرع صرعان : صرع من الأرواح الخبيثةالأرضية ، وصرع من الأخلاط الرديئة . والثاني : هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببهوعلاجه .
وأما صرع الأرواح ، فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ،ولا يدفعونه ، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلكالأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدافع آثارها ، وتعارض أفعالها وتبطلها ، وقد نص على ذلكبقراط في بعض كتبه ، فذكر بعض علاج الصرع ، وقال : هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة. وأما الصرع الذي يكون من الأرواح ، فلا ينفع فيه هذا العلاج .
وأما جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم ، ومن يعتقدبالزندقة فضيلة ، فأولئك ينكرون صرع الأرواح ، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدنالمصروع ، وليس معهم إلا الجهل ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ، والحسوالوجود شاهد به ، وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط ، هو صادق في بعض أقسامه لافي كلها .
وقدماء الأطباء كانوا يسمون هذا الصرع : المرضالإلهي ، وقالوا : إنه من الأرواح ، وأما جالينوس وغيره ، فتأولوا عليهم هذهالتسمية ، وقالوا : إنما سموه بالمرض الإلهي لكون هذه العلة تحدث في الرأس ، فنضربالجزء الإلهي الطاهر الذي مسكنه الدماغ.
وهذا التأويل نشأ لهم من جهلهم بهذه الأرواحوأحكامها ، وتأثيراتها ، وجاءت زنادقة الأطباء فلم يثبتوا إلا صرع الأخلاط وحده .
ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها يضحك منجهل هؤلاء وضعف عقولهم .
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين : أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالج ، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه ، وصدق توجهه إلىفاطر هذه الأرواح وبارئها ، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان ،فإن هذا نوع محاربة ، والمحارب لا يتم له الإنتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين :أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً ، وأن يكون الساعد قوياً ، فمتى تخلف أحدهمالم يغن السلاح كثير طائل ، فكيف إذا عدم الأمران جميعاً : يكون القلب خراباً منالتوحيد ، والتوكل ، والتقوى ، والتوجه ، ولا سلاح له .
والثاني : من جهة المعالج ، بأن يكون فيه هذانالأمران أيضاً ، حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله : اخرج منه . أوبقول: بسم الله أو بقول لا حول ولا قوة إلا بالله ،والنبى صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اخرج عدو الله أنا رسول الله" .
وشاهدت شيخنا يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التيفيه ، ويقول : قال لك الشيخ : اخرجي ، فإن هذا لا يحل لك ، فيفيق المصروع ، وربماخاطبها بنفسه ، وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب ، فيفيق المصروع ولا يحسبألم ، وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مراراً .
وكان كثيراً ما يقرأ في أذن المصروع : "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " [ المؤمنون : 115 ] .
وحدثني أنه قرأها مرة في أذن المصروع ، فقالت الروح: نعم ، ومد بها صوته . قال : فأخذت له عصا ، وضربته بها في عروق عنقه حتى كلتيداي من الضرب ، ، ولم يشك الحاضرون أنه يموت لذلك الضرب . ففي أثناء الضرب قالت :أنا أحبه ، فقلت لها : هو لا يحبك ، قالت : أنا أريد أن أحج به ، فقلت لها : هو لا يريد أن يحج معك ،فقالت : أنا أدعه كرامة لك ، قال : قلت : لا ولكن طاعة لله ولرسوله ، قالت : فأناأخرج منه ، قال : فقعد المصروع يلتفت يميناً وشمالاً ، وقال : ما جاء بي إلى حضرةالشيخ ، قالوا له : وهذا الضرب كله ؟ فقال : وعلى أي شئ يضربني الشيخ ولم أذنب ، ولم يشعر بأنه وقع بهضرب البتة .
وكان يعالج بآية الكرسي ، وكان يأمر بكثرة قراءتهاالمصروع ومن يعالجه بها ، وبقراءة المعوذتين .
وبالجملة فهذا النوع من الصرع ، وعلاجه لا ينكرهإلا قليل الحظ من العلم والعقل والمعرفة ، وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهلهتكون من جهة قلة دينهم ، وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر ، والتعاويذ ،والتحصنات النبوية والايمانية ، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه ،وربما كان عرياناً فيؤثر فيه هذا .
ولو كشف الغطاء ، لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعىهذه الأرواح الخبيثة ، وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنهاالإمتناع عنها ولا مخالفتها ، وبها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عندالمفارقة والمعاينة ، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة ، وبالله المستعان .
وعلاج هذا الصرع باقتران العقل الصحيح إلى الإيمانبما جاءت به الرسل ، وأن تكون الجنة والنار نصب عينيه وقبلة قلبه ، ويستحضر أهلالدنيا ، وحلول المثلات والآفات بهم ، ووقوعها خلال ديارهم كمواقع القطر ، وهمصرعى لا يفيقون ، وما أشد داء هذا الصرع ، ولكن لما عمت البلية به بحيث لا يرى إلامصروعاً ، لم يصر مستغرباً ولا مستنكراً ، بل صار لكثرة المصروعين عين المستنكرالمستغرب خلافه .
فإذا أراد الله بعبد خيراً أفاق من هذه الصرعة ،ونظر إلى أبناء الدنيا مصروعين حوله يميناً وشمالاً على اختلاف طبقاتهم ، فمنهم منأطبق به الجنون ، ومنهم من يفيق أحياناً قليلة ، ويعود إلى جنونه ، ومنهم من يفيقمرة ، ويجن أخرى ، فإذا أفاق عمل عمل أهل الإفاقة والعقل ، ثم يعاوده الصرع فيقعفي التخبط .
فصل
في هديه صلى الله عليهوسلم في علاج عرق النسا
روى ابن ماجه في سننه من حديث محمد بنسيرين ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "دواء عرق النسا ألية شاة أعرابية تذاب ، ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ، ثم يشرب على الريقفي كل يوم جزء " .
عرق النساء : وجع يبتدئ من مفصل الورك ، وينزل منخلف على الفخذ ، وربما على الكعب ، وكلما طالت مدته ، زاد نزوله ، وتهزل معه الرجلوالفخذ ، وهذا الحديث فيه معنى لغوي ، ومعنى طبي . فأما المعنى اللغوي ، فدليل علىجواز تسمية هذا المرض بعرق النسا خلافاً لمن منع هذه التسمية ، وقال : النسا هوالعرق نفسه ، فيكون من باب إضافة الشئ إلى نفسه ، وهو ممتنع وجواب هذا القائل منوجهين . أحدهما : أن العرق أعم من النسا ، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص نحو :كل الدراهم أو بعضها .
الثاني : أن النسا : هو المرض الحال بالعرق ،والإضافة فيه من باب إضافة الشئ إلى محله وموضعه . قيل : وسمي بذلك لأن ألمه ينسيما سواه ، وهذا العرق ممتد من مفصل الورك ، وينتهي إلى آخر القدم وراء الكعب منالجانب الوحشي فيما بين عظم الساق والوتر .
وأما المعنى الطبي : فقد تقدم أن كلام رسول اللهصلى الله عليه وسلم نوعان : أحدهما : عام بحسب الأزمان ، والأماكن ، والأشخاص ،والأحوال .
والثاني : خاص بحسب هذه الأمور أو بضعها ، وهذا منهذا القسم ، فإن هذا خطاب للعرب ، وأهل الحجاز ، ومن جاورهم ، ولا سيما أعرابالبوادي ، فإن هذا العلاج من أنفع العلاج لهم ، فإن هذا المرض يحدث من يبس ، وقديحدث من مادة غليظة لزجة ، فعلاجها بالإسهال والألية فيها الخاصيتان : الإنضاج ،والتليين ، ففيها الإنضاج ، والإخراج . وهذا المرض يحتاج علاجه إلى هذين الأمرين ،وفي تعيين الشاة الأعرابية لقلة فضولها ، وصغر مقدارها ، ولطف جوهرها ، وخاصيةمرعاها لأنها ترعى أعشاب البر الحارة ، كالشيح ، والقيصوم ، ونحوهما ، وهذهالنباتات إذا تغذى بها الحيوان ، صار في لحمه من طبعها بعد أن يلطفها تغذيه بها ،ويكسبها مزاجاً ألطف منها ، ولا سيما الألية ، وظهور فعل هذه النباتات في اللبنأقوى منه في اللحم ، ولكن الخاصية التي في الألية من الإنضاج والتليين لا توجد فياللبن ، وهذا كما تقدم أن أدوية غالب الأمم والبوادي هي الأدوية المفردة ، وعليهأطباء الهند .
وأما الروم واليونان ، فيعتنون بالمركبة ، وهممتفقون كلهم على أن من مهارة الطبيب أن يداوي بالغذاء ، فإن عجز فبالمفرد ، فإنعجز ، فبما كان أقل تركيباً .
وقد تقدم أن غالب عادات العرب وأهل البوادي الأمراضالبسيطة ، فالأدوية البسيطة تناسبها ، وهذا لبساطة أغذيتهم في الغالب . وأماالأمراض المركبة ، فغالباً ما تحدث عن تركيب الأغذية وتنوعها واختلافها ، فاختيرتلها الأدوية المركبة ، والله تعالى أعلم .
وأما اختيار أيام الأسبوع للحجامة ، فقال الخلالفي جامعه : أخبرنا حرب بن إسماعيل ، قال : قلت لأحمد : تكره الحجامةفي شء من الأيام ؟ قال : قد جاء في الأربعاء والسبت .
وفيه : عن الحسين بن حسان ، أنه سأل أبا عبد اللهعن الحجامة : أي يوم تكره ؟ فقال : في يوم السبت ، ويوم الأربعاء ، ويقولون : يومالجمعة .
وروى الخلال ، عن أبي سلمة وأبي سعيد المقبري ، عنأبي هريرة مرفوعاً : " من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت ، فأصابه بياض أوبرص ، فلا يلومن إلا نفسه " .
وقال الخلال : أخبرنا محمد بن علي بن جعفر ، أنيعقوب بن بختان حدثهم ، قال : سئل أحمد عن النورة والحجامة يوم السبت ويومالأربعاء ؟ فكرهها . وقال : بلغني عن رجل أنه تنور ، واحتجم يعني يوم الأربعاء ،فأصابه البرص . قلت له : كأنه تهاون بالحديث ؟ قال : نعم .
وفي كتاب الأفراد للدارقطني ، من حديثنافع قال : قال لي عبد الله بن عمر : تبيغ بي الدم ، فابغ لي حجاماً ، ولا يكنصبياً ولا شيخاً كببراً ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "الحجامة تزيد الحافظ حفظاً ، والعاقل عقلاً ، فاحتجموا على اسم الله تعالى ، ولاتحتجموا الخميس ، والجمعة ، والسبت ، والأحد ، واحتجموا الإثنين ، وما كان من جذامولا برص ، إلا نزل يوم الأربعاء " . قال الدارقطني : تفرد به زياد بن يحيى ،وقد رواه أيوب عن نافع ، وقال فيه : " واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء ، ولاتحتجموا يوم الأربعاء " .
وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبيبكرة ، أنه كان يكره الحجامة يوم الثلاثاء ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : " يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ فيها الدم " .
***
فصل
وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي ،واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحال ، وجواز احتجام المحرم، وإن آل إلى قطع شئ من الشعر ، فإن ذلك جائز . وفي وجوب الفدية عليه نظر ، ولايقوى الوجوب ، وجواز احتجام الصائم ، فإن في صحيح البخاري أن رسولالله صلى الله عليه وسلم : " احتجم وهو صائم " . ولكن هل يفطر بذلك ، أملا ؟ مسألة أخرى ، الصواب : الفطر بالحجامة ، لصحته عن رسول الله صلى الله عليهوسلم من غير معارض ، وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم ، ولكن لا يدل على عدمالفطر إلا بعد أربعة أمور . أحدها : أن الصوم كان فرضاً . الثاني : أنه كان مقيماً. الثالث : أنه لم يكن به مرض احتاج معه إلى الحجامة . الرابع : أن هذا الحديثمتأخر عن قوله : " أفطر الحاجم والمحجوم " .
فإذا ثبتت هذه المقدمات الأربع ، أمكن الإستدلالبفعله صلى الله عليه وسلم على بقاء الصوم مع الحجامة ، وإلا فما المانع أن يكونالصوم نفلاً يجوز الخروج منه بالحجامة وغيرها ، أو من رمضان لكنه في السفر ، أو منرمضان في الحضر ، لكن دعت الحاجة إليها كما تدعو حاجة من به مرض إلى الفطر ، أويكون فرضاً من رمضان في الحضر من غير حاجة إليها ، لكنه مبقى على الأصل . وقوله :" أفطر الحاجم والمحجوم " ، ناقل ومتأخر ، فيتعين المصير إليه ، ولاسبيل إلى إثبات واحدة من هذه المقدمات الأربع ، فكيف بإثباتها كلها .
وفيها دليل على استئجار الطبيب وغيره من غير عقدإجازة ، بل يعطيه أجرة المثل ، أو ما يرضيه .
وفيها دليل على جواز التكسب بصناعة الحجامة ، وإنكان لا يطيب للحر أكل أجرته من غير تحريم عليه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلمأعطاه أجره ، ولم يمنعه من أكله ، وتسميته إياه خبيثاً كتسميته للثوم والبصلخبيثين ، ولم يلزم من ذلك تحريمهما .
وفيها دليل على جواز ضرب الرجل الخراج على عبده كليوم شيئاً معلوماً بقدر طاقته ، وأن العبد أن يتصرف فيما زاد على خراجه ، ولومنع من التصرف ، لكان كسبه كله خراجاً ولم يكن لتقديره فائدة ، بل ما زاد علىخراجه ، فهو تمليك من سيده له يتصرف فيه كما أراد ، والله أعلم .
***
فصل
في هديه صلى الله عليهوسلم في قطع العروق والكي
ثبت في الصحيح من حديث جابر بن عبدالله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبي بن كعب طبيباً ، فقطع له عرقاًوكواه عليه .
ولما رمي سعد بن معاذ في أكحله حسمه النبي صلى اللهعليه وسلم ثم ورمت ، فحسمه الثانية . والحسم : هو الكي .
وفي طريق آخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كوىسعد بن معاذ في أكحله بمشقص ، ثم حسمه سعد بن معاذ أو غيره من أصحابه .
وفي لفظ آخر : أن رجلاً من الأنصار رمي في أكحلهبمشقص ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فكوي .
وقال أبو عبيد : وقد أتي النبي صلى الله عليه وسلمبرجل نعت له الكي ، فقال : " اكووه وارضفوه " . قال أبو عبيد : الرضف:الحجارة تسخن ، ثم يكمد بها .
وقال الفضل بن دكين : حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير، عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كواه في أكحله .
وفي صحيح البخاري من حديث أنس ، أنهكوي من ذات الجنب والنبى صلى الله عليه وسلم حي .
وفي الترمذي ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليهوسلم : " كوى أسعد بن زرارة من الشوكة " ، وقد تقدم الحديث المتفق عليهوفيه " وما أحب أن أكتوي " وفي لفظ آخر : " وأنا أنهى أمتي عن الكي" .
وفي جامع الترمذي وغيره عن عمران بنحصين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي قال : فابتلينا فاكتوينا فماأفلحنا ، ولا أنجحنا . وفي لفظ : نهينا عن الكي وقال : فما أفلحن ولا أنجحن .
قال الخطابي : إنما كوى سعداً ليرقأ الدم من جرحه ،وخاف عليه أن ينزف فيهلك . والكي مستعمل في هذا الباب ، كما يكوى من تقطع يده أورجله .
وأما النهي عن الكي ، فهو أن يكتوي طلباً للشفاء ،وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو ، هلك ، فنهاهم عنه لأجل هذه النية .
وقيل : إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة ، لأنه كانبه ناصور ، وكان موضعه خطراً ، فنهاه عن كيه ، فيشبه أن يكون النهي منصرفاً إلىالموضع المخوف منه ، والله أعلم .
وقال ابن قتيبة : الكي جنسان : كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه : لم يتوكل من اكتوى ، لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه .
والثاني : كي الجرح إذا نغل ، والعضو إذا قطع ، ففيهذا الشفاء .
وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجع ،ويجوز أن لا ينجع ، فإنه إلى الكراهة أقرب . انتهى .
وثبت في الصحيح في حديث السبعين ألفاًالذين يدخلون الجنة بغير حساب "أنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ".
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع ، أحدها : فعله، والثاني : عدم محبته له ، والثالث : الثناء على من تركه ، والرابع : النهي عنه ،ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى ، فإن فعله يدل على جوازه ، وعدم محبته له لا يدلعلى المنع منه . وأما الثناء على تاركه ، فيدل على أن تركه أولى وأفضل . وأماالنهي عنه ، فعلى سبيل الإختيار والكراهة ، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه ، بليفعل خوفاً من حدوث الداء ، والله أعلم .
***
فصل
في هديه صلى الله عليهوسلم في علاج الصرع
أخرجا في الصحيحين من حديث عطاء بن أبيرباح ، قال : قال ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى . قال : هذهالمرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع ، وإني أتكشف ،فادع الله لي ، فقال : " إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله لك أنيعافيك ، فقالت : أصبر . قالت : فإني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف ، فدعالها" .
قلت : الصرع صرعان : صرع من الأرواح الخبيثةالأرضية ، وصرع من الأخلاط الرديئة . والثاني : هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببهوعلاجه .
وأما صرع الأرواح ، فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ،ولا يدفعونه ، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلكالأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدافع آثارها ، وتعارض أفعالها وتبطلها ، وقد نص على ذلكبقراط في بعض كتبه ، فذكر بعض علاج الصرع ، وقال : هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة. وأما الصرع الذي يكون من الأرواح ، فلا ينفع فيه هذا العلاج .
وأما جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم ، ومن يعتقدبالزندقة فضيلة ، فأولئك ينكرون صرع الأرواح ، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدنالمصروع ، وليس معهم إلا الجهل ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ، والحسوالوجود شاهد به ، وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط ، هو صادق في بعض أقسامه لافي كلها .
وقدماء الأطباء كانوا يسمون هذا الصرع : المرضالإلهي ، وقالوا : إنه من الأرواح ، وأما جالينوس وغيره ، فتأولوا عليهم هذهالتسمية ، وقالوا : إنما سموه بالمرض الإلهي لكون هذه العلة تحدث في الرأس ، فنضربالجزء الإلهي الطاهر الذي مسكنه الدماغ.
وهذا التأويل نشأ لهم من جهلهم بهذه الأرواحوأحكامها ، وتأثيراتها ، وجاءت زنادقة الأطباء فلم يثبتوا إلا صرع الأخلاط وحده .
ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها يضحك منجهل هؤلاء وضعف عقولهم .
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين : أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالج ، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه ، وصدق توجهه إلىفاطر هذه الأرواح وبارئها ، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان ،فإن هذا نوع محاربة ، والمحارب لا يتم له الإنتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين :أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً ، وأن يكون الساعد قوياً ، فمتى تخلف أحدهمالم يغن السلاح كثير طائل ، فكيف إذا عدم الأمران جميعاً : يكون القلب خراباً منالتوحيد ، والتوكل ، والتقوى ، والتوجه ، ولا سلاح له .
والثاني : من جهة المعالج ، بأن يكون فيه هذانالأمران أيضاً ، حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله : اخرج منه . أوبقول: بسم الله أو بقول لا حول ولا قوة إلا بالله ،والنبى صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اخرج عدو الله أنا رسول الله" .
وشاهدت شيخنا يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التيفيه ، ويقول : قال لك الشيخ : اخرجي ، فإن هذا لا يحل لك ، فيفيق المصروع ، وربماخاطبها بنفسه ، وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب ، فيفيق المصروع ولا يحسبألم ، وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مراراً .
وكان كثيراً ما يقرأ في أذن المصروع : "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " [ المؤمنون : 115 ] .
وحدثني أنه قرأها مرة في أذن المصروع ، فقالت الروح: نعم ، ومد بها صوته . قال : فأخذت له عصا ، وضربته بها في عروق عنقه حتى كلتيداي من الضرب ، ، ولم يشك الحاضرون أنه يموت لذلك الضرب . ففي أثناء الضرب قالت :أنا أحبه ، فقلت لها : هو لا يحبك ، قالت : أنا أريد أن أحج به ، فقلت لها : هو لا يريد أن يحج معك ،فقالت : أنا أدعه كرامة لك ، قال : قلت : لا ولكن طاعة لله ولرسوله ، قالت : فأناأخرج منه ، قال : فقعد المصروع يلتفت يميناً وشمالاً ، وقال : ما جاء بي إلى حضرةالشيخ ، قالوا له : وهذا الضرب كله ؟ فقال : وعلى أي شئ يضربني الشيخ ولم أذنب ، ولم يشعر بأنه وقع بهضرب البتة .
وكان يعالج بآية الكرسي ، وكان يأمر بكثرة قراءتهاالمصروع ومن يعالجه بها ، وبقراءة المعوذتين .
وبالجملة فهذا النوع من الصرع ، وعلاجه لا ينكرهإلا قليل الحظ من العلم والعقل والمعرفة ، وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهلهتكون من جهة قلة دينهم ، وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر ، والتعاويذ ،والتحصنات النبوية والايمانية ، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه ،وربما كان عرياناً فيؤثر فيه هذا .
ولو كشف الغطاء ، لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعىهذه الأرواح الخبيثة ، وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنهاالإمتناع عنها ولا مخالفتها ، وبها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عندالمفارقة والمعاينة ، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة ، وبالله المستعان .
وعلاج هذا الصرع باقتران العقل الصحيح إلى الإيمانبما جاءت به الرسل ، وأن تكون الجنة والنار نصب عينيه وقبلة قلبه ، ويستحضر أهلالدنيا ، وحلول المثلات والآفات بهم ، ووقوعها خلال ديارهم كمواقع القطر ، وهمصرعى لا يفيقون ، وما أشد داء هذا الصرع ، ولكن لما عمت البلية به بحيث لا يرى إلامصروعاً ، لم يصر مستغرباً ولا مستنكراً ، بل صار لكثرة المصروعين عين المستنكرالمستغرب خلافه .
فإذا أراد الله بعبد خيراً أفاق من هذه الصرعة ،ونظر إلى أبناء الدنيا مصروعين حوله يميناً وشمالاً على اختلاف طبقاتهم ، فمنهم منأطبق به الجنون ، ومنهم من يفيق أحياناً قليلة ، ويعود إلى جنونه ، ومنهم من يفيقمرة ، ويجن أخرى ، فإذا أفاق عمل عمل أهل الإفاقة والعقل ، ثم يعاوده الصرع فيقعفي التخبط .
فصل
في هديه صلى الله عليهوسلم في علاج عرق النسا
روى ابن ماجه في سننه من حديث محمد بنسيرين ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "دواء عرق النسا ألية شاة أعرابية تذاب ، ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ، ثم يشرب على الريقفي كل يوم جزء " .
عرق النساء : وجع يبتدئ من مفصل الورك ، وينزل منخلف على الفخذ ، وربما على الكعب ، وكلما طالت مدته ، زاد نزوله ، وتهزل معه الرجلوالفخذ ، وهذا الحديث فيه معنى لغوي ، ومعنى طبي . فأما المعنى اللغوي ، فدليل علىجواز تسمية هذا المرض بعرق النسا خلافاً لمن منع هذه التسمية ، وقال : النسا هوالعرق نفسه ، فيكون من باب إضافة الشئ إلى نفسه ، وهو ممتنع وجواب هذا القائل منوجهين . أحدهما : أن العرق أعم من النسا ، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص نحو :كل الدراهم أو بعضها .
الثاني : أن النسا : هو المرض الحال بالعرق ،والإضافة فيه من باب إضافة الشئ إلى محله وموضعه . قيل : وسمي بذلك لأن ألمه ينسيما سواه ، وهذا العرق ممتد من مفصل الورك ، وينتهي إلى آخر القدم وراء الكعب منالجانب الوحشي فيما بين عظم الساق والوتر .
وأما المعنى الطبي : فقد تقدم أن كلام رسول اللهصلى الله عليه وسلم نوعان : أحدهما : عام بحسب الأزمان ، والأماكن ، والأشخاص ،والأحوال .
والثاني : خاص بحسب هذه الأمور أو بضعها ، وهذا منهذا القسم ، فإن هذا خطاب للعرب ، وأهل الحجاز ، ومن جاورهم ، ولا سيما أعرابالبوادي ، فإن هذا العلاج من أنفع العلاج لهم ، فإن هذا المرض يحدث من يبس ، وقديحدث من مادة غليظة لزجة ، فعلاجها بالإسهال والألية فيها الخاصيتان : الإنضاج ،والتليين ، ففيها الإنضاج ، والإخراج . وهذا المرض يحتاج علاجه إلى هذين الأمرين ،وفي تعيين الشاة الأعرابية لقلة فضولها ، وصغر مقدارها ، ولطف جوهرها ، وخاصيةمرعاها لأنها ترعى أعشاب البر الحارة ، كالشيح ، والقيصوم ، ونحوهما ، وهذهالنباتات إذا تغذى بها الحيوان ، صار في لحمه من طبعها بعد أن يلطفها تغذيه بها ،ويكسبها مزاجاً ألطف منها ، ولا سيما الألية ، وظهور فعل هذه النباتات في اللبنأقوى منه في اللحم ، ولكن الخاصية التي في الألية من الإنضاج والتليين لا توجد فياللبن ، وهذا كما تقدم أن أدوية غالب الأمم والبوادي هي الأدوية المفردة ، وعليهأطباء الهند .
وأما الروم واليونان ، فيعتنون بالمركبة ، وهممتفقون كلهم على أن من مهارة الطبيب أن يداوي بالغذاء ، فإن عجز فبالمفرد ، فإنعجز ، فبما كان أقل تركيباً .
وقد تقدم أن غالب عادات العرب وأهل البوادي الأمراضالبسيطة ، فالأدوية البسيطة تناسبها ، وهذا لبساطة أغذيتهم في الغالب . وأماالأمراض المركبة ، فغالباً ما تحدث عن تركيب الأغذية وتنوعها واختلافها ، فاختيرتلها الأدوية المركبة ، والله تعالى أعلم .
وأذا مرضت فهو يشفين :: الفئة الأولى :: العلاج بالقرأن الكريم :: علاج السحر واللبس والمس بالقرأن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين مارس 16, 2015 7:49 pm من طرف خالد براهمه
» علاج السرطان بالأعشاب خلال اربعة اسابيع
الإثنين مارس 16, 2015 7:35 pm من طرف خالد براهمه
» الفستق مقوى جنسي نسبة 51%
الخميس نوفمبر 28, 2013 7:37 pm من طرف خالد براهمه
» اسماء الأعشاب
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:35 am من طرف حسين العنوز
» آيات الشفاء في القرآن
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:30 am من طرف حسين العنوز
» اضطرابات الغدة الدرقية وعلاجها
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:29 am من طرف حسين العنوز
» رقية للعقـم والإســـقاط
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:28 am من طرف حسين العنوز
» مرضى السكري
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز
» اظفـــــــار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 2:27 am من طرف حسين العنوز